رسالة ترحيب

بسم الله الرحمن الرحيم
في عالم الثورة المعلوماتية ، لم يعد فضاء القسم الدراسي ، المحدود في الزمان والمكان، كافيا للتعرف على الفلسفة و تدارس قضاياها و مواضيعها و تبادل الآراء والأفكارحولها ، فأصبح من الضروري الانفتاح عاى عالم الانترنيت، و الاستفادة من ثمراته. و لما كان عدد من محبي الفلسفة، خاصة التلاميذ و التلميذات بالتعليم الثانوي الثأهيلي، يجدون بعض الصعوبة في ولوج مواقع الفلسفة المتعددة ، وانتقاء ما يفيدهم في مسيرتهم الدراسية ، خاصة أولائك المقبلون على الامتحان الوطني الموحد .جاءت فكرة هذا الموقع أوالمدونة ،هدفها تيسير الوصول الى عالم الفلسفة و الفكر الاسلامي عبر شبكة الانترنيت، من خلال جعل المعرفة الفلسفية قطوف دانية قريبة من محبيها. فمرحبا بكم و بأفكاركم و اقتراحاتكم و ملاحظاتكم. تمنياتي لكم بالتوفيق و النجاح
الامتحان الوطني للفلسفة 2009
عناصر الإجابة وسلم التنقيط:
السؤال:
هل تنحصر هوية الشخص وقيمته في الجسد ؟
1- الفهم: (04 نقط)
يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال الوضع البشري ، وضمن مفهوم الشخص بوصفه مفهوما مركزيا ، وأن يتساءل عما ادا كانت هوية الشخص وقيمته تنحصر في وحدته الجسدية .
2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم و المصطلحات(الهوية ، الشخص،الجسد، القيمة…)، التي تنتظم حولها الأطروحة المفترضة في السؤال، ودلك بتناول العناصر الآتية:- الشخص والهوية الشخصية- علاقة الجسد المتغير بالهوية(الوحدة والاستمرارية)- دور الجسد في تحديد قيمة الشخص…(يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المفترضة في السؤال، والتي تعتبر أن الجسد أساس هوية الشخص ومصدر قيمته في ضوء العناصر الآتية:- الشخص والهوية- قسمة الشخص- الشخص بين الضرورة والحرية….( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز أهمية الجسد، وكدا محدوديته في تشكيل هوية الشخص وقيمته.
5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)
القولة:
يقتضي مبدأ العدالة تحقيق المساواة ؛ الا في الحالة التي تكون فيها المساواة مفيدة اجتماعيا
1- الفهم: (05 نقط)
يتعين على المترشح أن يؤطر الموضوع داخل مجالي السياسة، ضمن مفهومي الحق والعدالة بوصفهما مفهومين مركزين ، ويتساءل عن طبيعة العلاقة بين العدالة والمساواة من جهة، والعدالة واللامساواة من جهة أخرى.
2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم والمصطلحات (العدالة ،المساواة،اللامساواة،الفائدة الاجتماعية….)التي تنتظم حولها أطروحة القولة وحجاجها المفترض، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:- العدالة والمساواة- العدالة واللامساواة- الفائدة الاجتماعية للامساواة….(يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المتضمنة في القولة، والتي تعتبر أن الفائدة الاجتماعية تبرر أحيانا اللامساواة يبت الأفراد ،ودور الإنسان ودلك في ضوء العناصر الآتية:- العدالة بين الإنصاف والمساواة،- الحق بين ألطبعي والوضعي
- العدالة كأساس للحق.

(تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق)
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز دور اللامساواة الاجتماعية(التميز الايجابي)في أفق تحقيق عدالة منصفة.
5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)
* القولة لبرتراند راسل
النص:
النظرية غالبا ماتضهرفي البداية كنوع من الخيال دالك الخيال الدي ياتي على شكل الهام قبل ان يتمكن من اكتشاف قواعد المطابقة التي يساعده على اتبات نظريته.........
1- الفهم: (04 نقط)
يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال المعرفة، ضمن مفهومي النظرية والتجربة كمفهومين مركزين ، وأن يتساءل عن علاقة النظرية بالتجربة ومكانة الخيال في المعرفة العلمية.
2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية والأفكار التي تنتظم حولها أطروحة النص وحجاجه، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:- ارتباط النظرية بالخيال،- إمكانية اختبار الخيال التوقعي لنظرية ما ؛- الخيال العلمي فرضيات قابلة للتحقق التجريبي لاحقا،
-التجربة هي خيال علمي قابل للتحقق التجريبي…،( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع)
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش أطروحة النص التي تعتبر أن بناء النظرية العلمية مرتبط بالخيال القابل للتحقق التجريبي ، ودلك في ضوء العناصر الآتية:- العقلانية العلمية؛- التجربة والتجريب؛- معايير علمية النظريات العلمية،( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز أهمية الخيال في بناء النظرية العلمية.
5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)
مرجع النص:
رودلف كارناب،"الاسس الفلسفية للفيزياء"ترجمة السيد نفادي،دار التقافة الجديدة،القاهرة،2003،ص 278

الوضعيات الاحتبارية الثلاث : النص ، القولة و السؤال/ نموذج امتحان وطني مع سلم التنقيط

مدونة قطوف دانية تتمنى لتلاميذ وتلميذات الباكلوريا
التوفيق والنجاح في امتحاناتهم
الوضعيات الاختبارية الخاصة بالامتحان الوطني
يمتحن التلاميذ ، في نهاية سلك البكالوريا ، جميع الشعب والمسالك، من خلال اختيار الكتابة الإنشائية في إحدى الوضعيات الاختبارية الثلاث : نص للتحليل والمناقشة أو سؤال إشكالي مفتوح أو قولة مرفقة بسؤال . علما بأن هذه الصيغ هي نفسها المقترحة في فروض المراقبة المستمرة بسلك البكالوريا . وفيما يلي مواصفات الصيغ الثلاث المطروحة:ملحوظة:لتحميل نص المذكرة الوزارية المؤطرة لأمتحانات الباكالوريا في مادة الفلسفة اضغط على الرابط التالي:http://aklam.awardspace.com/up1/download.php?file=9052bac.do.
نص للتحليل والمناقشة
مواصفات النص:أن يكون فلسفيا أو ذي طابع فلسفي، يتضمن إشكالية فلسفية أو فكرة فلسفية أو موقفا فلسفيا اتجاه إشكالية أو فكرة. يتصف بالوحدة والتماسك ويكون مرتبطا بمواضيع البرنامج المقرر، يحيل على مفهوم فلسفي واحد أو أكثر، كما قد يحيل جزئيا أو كليا على مجزوءة واحدة أو أكثر، و أن يتراوح حجمه بين 10 و 15 سطرا.
الفهم- تحديد موضوع النص؛- تحديد الإشكال المطروح؛- تحديد فكرة النص أو أطروحته. النقطة ( 04)التحليل - إعادة صياغة الإشكال من خلال أسئلته الأساسية؛- شرح الأطروحة في علاقتها بمفاهيم النص؛- إبراز الحجج و دورها في النص. النقطة (05)
المناقشة - مناقشة أهمية الأطروحة من حيث قيمتها وحدودها- طرح إمكانيات أخرى تفتح أفق التفكير في الإشكال الذي يثيره النص. النقطة (05)
التركيب - استخلاص نتائج التحليل و المناقشة؛- إبراز المجهود الشخصي للتلميذ. النقطة (03)
الجوانب الشكلية - اللغة والأسلوب ووضوح الخط.. النقطة (03)
. سـؤال إشكالي مفتوح
مواصفات السؤال الإشكالي المفتوح:
إن التعبير عن السؤال الإشكالي المفتوح لا يتخذ صيغة نمطية واحدة، وينبغي أن يتصف السؤال الإشكالي بالوضوح والدقة، وأن يحيل على مجال إشكالي لمفهوم واحد أو أكثر، كما يمكن أن يحيل على المجال الإشكالي لمجزوءة واحدة أو أكثر.القدرات والمهارات المؤشرات سلم التنقيط
الفهم - إدراك موضوع السؤال وترابطاته؛- إبراز عناصر الإشكال. النقطة ( 04)
التحليل - إعادة صياغة الإشكال وتحليل أسئلته الأساسية؛- توظيف المعرفة الفلسفية الملائمة لمعالجة الإشكال؛- البناء الحجاجي والمنطقي للمضامين الفلسفية. النقطة (05)
المناقشة - مناقشة الأطروحة المتضمنة احتمالا في الموضوع؛- طرح إمكانيات أخرى تفتح أفق التفكير في الإشكال.. النقطة (05)
التركيب - استخلاص نتائج التحليل و المناقشة؛- إبراز المجهود الشخصي للتلميذ. النقطة (03)
الجوانب الشكلية - اللغة والأسلوب ووضوح الخط. النقطة (03)
. قولة مرفقة بسؤال أو مطلب
مواصفات القولة:
تتميز القولة بالتركيز و الكثافة وقصر الحجم، وتكون مرتبطة بمواضيع البرنامج المقرر، وتحيل على مفهوم فلسفي واحد أو أكثر من مفاهيم المجزوءة، كما يمكن أن تحيل على مجزوءة واحدة أو أكثر.
مواصفات السؤال أو المطلب :
تذيل القولة بسؤال إشكالي أو مطلب مزدوج يحيل في مستواه الأول على مضمون القولة، وفي مستواه الثاني على قيمتها أو أبعادها.القدرات والمهارات المؤشرات
سلم التنقيط
الفهم - تحديد موضوع القولة؛- إبراز الإشكال المطروح، الصريح أو الضمني؛- إدراك مجال السؤال المرفق بالقولة : حدوده وترابطاته . النقطة ( 04)
التحليل - استخراج الأطروحة التي تتضمنها القولة وتفسيرها ؛- الوقوف عند الحجاج الذي تفترضه والذي يمكن توظيفه لبنائها؛- توظيف المعرفة الملائمة لمعالجة الإشكال المطروح . النقطة (05)
المناقشة - مناقشة الأطروحة ومقارنتها بأطروحات أخرى، في ضوء السؤال المطروح.- طرح إمكانيات أخرى تفتح أفق التفكير في القولة... النقطة (05)
التركيب - استخلاص نتائج التحليل و المناقشة ؛- إبراز المجهود الشخصي للتلميذ. النقطة (03)
الجوانب الشكلية - اللغة والأسلوب ووضوح الخط. النقطة (03)
. التمييز بين الشعب والمسالك بحسب درجة الصعوبة
تبنى مواضيع الامتحانات وفق مطالب الصيغ الاختيارية الثلاث المقررة، وتعتمد المؤشرات الآتية للتمييز في درجة الصعوبة بين مختلف شعب ومسالك البكالوريا.
. مسالك الشعب: العلمية، الاقتصاد والتدبير، العلوم والتكنولوجيا، الفنون التطبيقية والتعليم الأصيل.
الصعوبة المؤشراتتحديد مجال الموضوعيتكون من مفهوم محوري أو من مفهومين (من مجزوءة واحدة أو أكثر).
اختيار النص- اعتماد نص فلسفي أو إبستمولوجي أو نص شارح (وسيط ) واضح وبسيط؛- حضور المفهوم أوالمفهومين المستهدفين بشكل صريح.
صياغة السؤال الإشكالي المفتوح- سؤال يصرح بالمفهوم أو المفهومين المستهدفين؛- سؤال إشكالي مفتوح. اختيار القولة وصياغة السؤال أو المطلب - اختيار قولة تفصح عن المفهوم أو المفهومين المستهدفين؛- اعتماد الصيغة الآتية أو ما يماثلها كمطلب : اشرح القولة ثم بين قيمتها...
. مسلك الآداب
الصعوبة المؤشراتتحديد مجال الموضوع يتكون من مفهوم محوري أو من مفهومين أو ثلاثة مفاهيم (من مجزوءة واحدة أو أكثر).
اختيار النص - اعتماد نص فلسفي أو إبستمولوجي أو شارح يطرح مشكلة محددة؛- حضورالمفاهيم المستهدفة بشكل صريح أو ضمني.
صياغة السؤال الإشكالي المفتوح - سؤال يصرح أو يضمر المفاهيم المستهدفة؛- سؤال إشكالي مفتوح. اختيار القولة وصياغة المطلب أو السؤال - اختيار قولة تفصح أو تضمر المفاهيم المستهدفة ؛- اعتماد سؤال مركب من مطلبين، من قبيل : أوضح مضمون القولة ثم بين أبعادها، أو سؤال إشكالي مفتوح.. مسلك العلوم الإنسانية
الصعوبة المؤشراتتحديد مجال الموضوع يتكون من مفهوم محوري أو من مفهومين أو ثلاثة مفاهيم أوأكثر (من مجزوءة واحدة أو أكثر).
اختيار النص - اعتماد نص فلسفي أو إبستمولوجي يطرح مشكلة صريحة أو ضمنية؛- حضورالمفاهيم المستهدفة بشكل صريح أو ضمني.
صياغة السؤال الإشكالي المفتوح - سؤال يصرح أو يضمر المفاهيم المستهدفة؛- سؤال إشكالي مفتوح. اختيار القولة وصياغة المطلب أو السؤال - اختيار قولة تفصح أو تضمر المفاهيم المستهدفة ؛- تذيل القولة بسؤال إشكالي مفتوح.
نقلا عن المذكرة الوزارية159


نموذج إمتحان وطني مع عناصر الاجابة
السؤال:هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟
* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:
1- الفهم: (04 نقط)يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال المعرفة، وضمن مفهوم الحقيقة كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهومي النظرية والتجربة، وأن يتساءل عن العلاقة بين تطور المعرفة العلمية وإنكار قيام حقيقة مطلقة.
2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية، التي تنتظم حولها الأطروحة المفترضة في السؤال، من خلال تناول العناصر الآتية:- تطور العلوم يؤكد نسبية الحقيقة العلمية؛- تحول المعرفة العلمية وقابليتها للتفنيد والمراجعة والتعديل؛- الطابع الإشكالي للحقيقة العلمية ...( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المتضمنة في السؤال، والتي تعتبر أن تطور العلوم يؤدي إلى نسبية الحقائق العلمية، في ضوء العناصر الآتية:- طبيعة العقلانية العلمية؛- معايير المعرفة العلمية؛- معايير الحقيقة ...( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع الإشكالي لعلاقة تطور العلوم بقيام حقيقة نهائية.
5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)*
القولة:" لا يصنع التاريخ بمعزل عن إرادة الإنسان، ومع ذلك، فإنه يصنع في جزء كبير منه، خارج هذه الإرادة وضدها."اشرح مضمون القولة وبين حدود تدخل الإنسان في التاريخ
* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:
1- الفهم: (05 نقط)
يتعين على المترشح أن يؤطر الموضوع داخل مجالي الوضع البشري والأخلاق، ضمن مفهوم التاريخ كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهوم الحرية، ويتساءل عن دور الإنسان في التاريخ.
2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية، التي تنتظم حولها أطروحة القولة وحجاجها المفترض، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:- ارتباط التاريخ بإرادة الإنسان؛- التاريخ يصنع في جزء منه بمعزل عن إرادة الإنسان؛- التاريخ يسير أحيانا ضد إرادة الإنسان ...( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المتضمنة في القولة، والتي تؤكد محدودية دور الإنسان في صنع التاريخ، في ضوء العناصر الآتية:- منطق التاريخ؛- دور الإنسان بوصفه فاعلا (شخصا) في التاريخ ...( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق)
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع الإشكالي لعلاقة الإرادة الإنسانية بالتاريخ.5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)
* القولة لإمانويل مونيي
* النص:" إحدى الميزات الأساسية لكل حضارة هي الطريقة التي تدرك بها العدوانية وتنظمها. هذا الإدراك يرسخ في ذهن كل فرد من أفراد المجتمع منذ الصغر. فالتربية، كل تربية، تعمل على توجيه العدوانية. فكل تربية تعلم كيف ومتى يجب أن نكبح جماح العدوانية، أو على العكس، كيف ومتى نسمح لها بالانفلات والهياج. فالمراتب الاجتماعية الظاهرة، التي ترافق كل حياة اجتماعية، تستوجب أيضا وتبعا للمرتبة، مقياسا للعدوانية.لذا، فإن دور الدولة الرئيسي يقوم على منع القيام بأعمال العنف من قبل الأفراد، أو في أقل تقدير على تقييد هذا العنف والاستئثار به لاستخدامه. فالحق الأعلى للسلطة يقوم على توجيه العدوانية الجماعية. ومعيار الدولة السيدة هو سلطتها في كل حين، في إطلاق جماح العنف المنظم، وفي مهاجمة من تشاء وحين تشاء."حلل النص وناقشه
* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:
1- الفهم: (04 نقط)
يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال السياسة، ضمن مفهوم العنف كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهومي الدولة والحق، وأن يتساءل عن دور العنف في الحضارة الإنسانية وكيفية تدبيره من طرف الدولة.2
- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية والأفكار التي تنتظم حولها أطروحة النص وحجاجه، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:- العدوانية بوصفها شكلا للعنف؛- تدبير المجتمع (الحضارة) للعدوانية بوصفها شكلا من أشكال العنف بواسطة التربية؛- احتكار الدولة للعنف...( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )
3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش أطروحة النص التي تعتبر أن تدبير العنف وتنظيمه من اختصاص الدولة، في ضوء العناصر الآتية:- دور العنف في التاريخ؛- الدولة بين الحق والعنف؛- العنف والمشروعية...( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )
4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع المعقد والمفارق لعلاقة الدولة بالعنف، وحق ممارسته واحتكاره، وأثر ذلك على مشروعية الدولة واستمراريتها.
5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)
تمنياتى للجميع التوفيق والنجاح

كيفية معالجة مضمون النص

كيفية معالجة مضمون النص
الكشف عن المشكل الذّي تمثّل أطروحة النص حلاّ له.
و يكون ذلك إمّا:بشكل مباشر: ” ما هو السّؤال الذّي تقدّم الأطروحة حلاّ له ؟ “
أو.بشكل غير مباشر: ” ما هي الأفكار و المواقف المعارضة لأطروحة النّص ؟
إذا كانت الأطروحة خاطئة، فما هو الموقف البديل الذّي يمكننا إثباته ؟ ألا يمكن البرهنة على صحّة أطروحة مناقضة لأطروحة النّص ؟ “.
بالاستناد إلى الإجابات التّي نقدّمها عن هذه الأسئلة، نحاول البحث عن السّؤال الذّي يمكن أن يقبل، كإجابات ممكنة عنه، في نفس الوقت، أطروحة النّص من جهة و الأطروحات المناقضة لها من جهة أخرى.
استخراج الإشكاليّة بطريقة غير مباشرة يقتضي تشكيل مفارقة تحتوي مواجهة بين أطروحات متضادّة.
الكشف عن أطروحة النّص:
تبيّن الحلّ الذّي يقترحه الكاتب لتجاوز مشكل معيّن” ماذا يثبت الكاتب ؟ ماذا يطرح ؟ عن ماذا يدافع ؟ ما هي الفكرة التّي يريد التّوصّل إليها ؟ بماذا يريد إقناعنا ؟ ماذا يريد أن يفهمنا ؟ ما هي، في آخر الأمر، الفكرة الأشدّ أهمّية و حضورا في النّص ؟ ”تمثّل الحلّ أو الإمساك ب: أطروحة النّص و الوسائل التّي استعملها الكاتب في عمليّة الإثبات و البرهنة.التّساؤل عن قيمة الأطروحة:ينبغي إذن، بصفة إجماليّة، أن نقوم بالبرهنة ( و ليس فقط بالإقرار ) على أنّ أطروحة النّص أكثر قيمة من جملة الآراء المعارضة لها. أو بتوضيح كيف أنّ أطروحة النّص محدودة و نسبيّة ( إمكان نقدها ) و ثانيا إبراز دواعي استبدالها بأخرى. و يمكن أن نقوم بهذه العمليّة النّقديّة في مرحلتين:
المرحلة الاولى:النّقد الدّاخلي للنّص:
الكشف عن مواطن ضعفه و إثارة الانتباه إلى بعض المقاطع التّي تغيب فيها الدقّة اللاّزمة و الوقوف على وجود بعض الافتراضات اللاّ مبرهن عليها أو حتّى الخاطئة الخ.. و يكون ذلك أيضا بتبيان الإستتباعات السّلبيّة للحلّ الذّي يقدّمه النّص.
المرحلة الثانية :النّقد الخارجي للنّص:
و يكون بمواجهة أطروحة النّص بأطروحة أخرى مناقضة يقع البرهنة عليها ( من المستحسن أن تكون مستمدّة من مرجعيّة فلسفية معروفة، معاصرة لكاتب النّص أو لاحقة له ).و لا يجب، في هذا المجال، إهمال النّص و لا الإشكال الذّي يطرحه.
الخاتمة:
تكون ذلك بحوصلة كلّ الأفكار الهامّة التّي انتهى إليها جوهر الموضوع تحليلا و تقييما و تقديم إجابة تبعا للنتائج المتوصل إليها ( الرأي الشخصي).

منهجية كتابة الانشاء الفلسفي
ان الكتابة في مادة الفلسفة هي مجموع الخطوات العامة التي تهيكل الموضوع، وتشكل العمود الفقري لوحدته وتماسكه.
المقدمة:
يتطلب بناء مقدمة لانشاء فلسفي وتحريره تمثلا لوظائفه نذكر منها بالخصوص:- إبراز دواعي طرح المشكل الفلسفي الذي يتعلق به الموضوع مثل رصد تناقض، أو رصد مفارقة أو مساءلة رأي شائع، وهذا ما يمثل على وجه التحديد وظيفة “التمهيد”. ، الذّي يمكن أن يكون بالتّعرّض إلى مثال أو إلى وضعيّة معيّنة، بالإمكان أن نطرح بصددها السّؤال المقترح في الموضوع.
_صياغة الإشكالية صياغة تساؤلية متدرجة تتمحور حول نواة الإحراج الأساسية التي يحيل إليها نص الموضوع وتكون هذه الصياغة متدرجة توحي بمسار التفكير في الموضوع المطروح دون أن تكشف مسبقا عن الحل الذي يتجه إليه التفكير .تجنب ما يلي:- تفادي مزالق من قبيل صياغة إشكالية لا تتلاءم مع المطلوب في صيغة الموضوع، أو تقديم مقال مبتور (بدون مقدمة حقيقية) أو السقوط في عرض سلسلة من الأسئلة لا رابط منطقي بينها.- تجنّبوا، بصفة كلّية، خاصّة تلك العبارات الجوفاء التّي لا تعني شيئا
*العرض:
- على التّعبير أن يكون واضحا و بسيطا، بحيث يكوم بإمكان كلّ قارئ (حتّى و لو لم يكن منشغلا بالفلسفة ) أن يفهمه دون جهد و دون عناء.- ينبغي أن لا نصوغ أكثر من فكرة واحدة في فقرة.الأمثلة و الإحالات المرجعيّة: استعمال مرجعيات فلسفيةجدير بنا أن نستخدم، في الانشاء، بعض الأمثلة، إما كمنطلق للتّحليل ( المثال، هنا،هو وسيلة تمكّن من استخراج مفاهيم و علاقات بين مفاهيم )، و إما في نهاية عرض برهاني و نظري على فكرة، حتّى نقوم بتجسيدها و ببلورتها ( إعطاءها مضمونا ). لكن لا يجب أن يغيب عن أعيننا هنا، أنّ المثال لا يمكن اعتباره دليلا أو حجّة. إن وظيفة المثال تكمن في تجسيد تفكير نظريّ مجرّد، أو في إثارته ( التّفكير )، و ليس في تعويضه.جدير كذلك، أن نقوم بالإحالة إلى بعض المرجعيّات الفلسفيّة المعروفة، و ذلك بفضل جملة من الشّواهد التّي يشترط فيها أن تكون أمينة و موضوعة بين مزدوجتين"..".ما يهمّ هنا، هو أن تكون هذه الشّواهد مدرجة و مندمجة في إطار الانشاء ( دون أن تكون مسقطة و متعسّفة ) و متبوعة في نفس الوقت بتوضيحات تبرز دلالة هذه الشّواهد و تحدّد العلاقة التّي يمكن أن تقوم بينها و بين المشكل المطروح
الخاتمة:
تتمثل وظيفة الخاتمة إذن في صياغة تأليفية للحلّ الذي أسسه مسار التفكير خلال جوهر الانشاء. وبذلك فقط تكون الخاتمة متجاوبة مع المقدمة من حيث المضمون ومن حيث الشكل.
يتعلق الأمر هنا باستخلاص تأليفي لمكاسب التفكير في المشكل الذي يحيل إليه الموضوع وصياغة جواب إيجابي دقيق عن هذا المشكل.و يجب أن نقوم فيها بعرض الاستنتاج المتوصل إليه، لأجل ضبط العناصر التّي مكّنتنا من الإجابة عن الإشكال المطروح.
ويمكن الاستفادة في بناء الخاتمة من الأسئلة الموجهة التالية:- ما هو أهم ما يمكن الاحتفاظ به من مسار التفكير السابق ( خلال جوهرالانشاء ) ؟- أي تغيير وأي إثراء أو تعميق حصل في تمثلنا للمشكل في ضوء مسار التفكير السابق ؟تتمثل وظيفة الخاتمة إذن في صياغة تأليفية للحلّ الذي أسسه مسار التفكير خلال جوهر الانشاء. وبذلك فقط تكون الخاتمة متجاوبة مع المقدمة من حيث المضمون ومن حيث الشكل
عن مدونة سلسبيل(بتصرف)

مواضيع الامتحان الوطني 2008 مع سلم التنقيط

مواضيع الامتحان الوطني للسنة الدراسية 2007/2008

مرفوقة بعناصر الإجابة وسلم التنقيط المقترح من طرف الوزارة

مسلك الآداب

* السؤال:

هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟

* القولة:
” لا يصنع التاريخ بمعزل عن إرادة الإنسان، ومع ذلك، فإنه يصنع في جزء كبير منه، خارج هذه الإرادة وضدها.”
اشرح مضمون القولة وبين حدود تدخل الإنسان في التاريخ

* النص:
” إحدى الميزات الأساسية لكل حضارة هي الطريقة التي تدرك بها العدوانية وتنظمها. هذا الإدراك يرسخ في ذهن كل فرد من أفراد المجتمع منذ الصغر. فالتربية، كل تربية، تعمل على توجيه العدوانية. فكل تربية تعلم كيف ومتى يجب أن نكبح جماح العدوانية، أو على العكس، كيف ومتى نسمح لها بالانفلات والهياج. فالمراتب الاجتماعية الظاهرة، التي ترافق كل حياة اجتماعية، تستوجب أيضا وتبعا للمرتبة، مقياسا للعدوانية.
لذا، فإن دور الدولة الرئيسي يقوم على منع القيام بأعمال العنف من قبل الأفراد، أو في أقل تقدير على تقييد هذا العنف والاستئثار به لاستخدامه. فالحق الأعلى للسلطة يقوم على توجيه العدوانية الجماعية. ومعيار الدولة السيدة هو سلطتها في كل حين، في إطلاق جماح العنف المنظم، وفي مهاجمة من تشاء وحين تشاء.”
حلل النص وناقشه

* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:السؤال

1- الفهم: (04 نقط)
يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال المعرفة، وضمن مفهوم الحقيقة كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهومي النظرية والتجربة، وأن يتساءل عن العلاقة بين تطور المعرفة العلمية وإنكار قيام حقيقة مطلقة.

2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية، التي تنتظم حولها الأطروحة المفترضة في السؤال، من خلال تناول العناصر الآتية:
- تطور العلوم يؤكد نسبية الحقيقة العلمية؛
- تحول المعرفة العلمية وقابليتها للتفنيد والمراجعة والتعديل؛
- الطابع الإشكالي للحقيقة العلمية …
( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )

3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المتضمنة في السؤال، والتي تعتبر أن تطور العلوم يؤدي إلى نسبية الحقائق العلمية، في ضوء العناصر الآتية:
- طبيعة العقلانية العلمية؛
- معايير المعرفة العلمية؛
- معايير الحقيقة …
( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )

4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع الإشكالي لعلاقة تطور العلوم بقيام حقيقة نهائية.

5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)

* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:القولة

1- الفهم: (05 نقط)
يتعين على المترشح أن يؤطر الموضوع داخل مجالي الوضع البشري والأخلاق، ضمن مفهوم التاريخ كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهوم الحرية، ويتساءل عن دور الإنسان في التاريخ.

2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية، التي تنتظم حولها أطروحة القولة وحجاجها المفترض، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:
- ارتباط التاريخ بإرادة الإنسان؛
- التاريخ يصنع في جزء منه بمعزل عن إرادة الإنسان؛
- التاريخ يسير أحيانا ضد إرادة الإنسان …
( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )

3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش الأطروحة المتضمنة في القولة، والتي تؤكد محدودية دور الإنسان في صنع التاريخ، في ضوء العناصر الآتية:
- منطق التاريخ؛
- دور الإنسان بوصفه فاعلا (شخصا) في التاريخ …
( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق)

4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع الإشكالي لعلاقة الإرادة الإنسانية بالتاريخ.

5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)

* القولة لإمانويل مونيي

* عناصر الإجابة وسلم التنقيط:النص

1- الفهم: (04 نقط)
يتعين على المترشح إدراك أن الموضوع يتأطر داخل مجال السياسة، ضمن مفهوم العنف كمفهوم مركزي في ارتباطه بمفهومي الدولة والحق، وأن يتساءل عن دور العنف في الحضارة الإنسانية وكيفية تدبيره من طرف الدولة.

2- التحليل: (05 نقط)
ينتظر من المترشح في تحليله الوقوف عند المفاهيم المحورية والأفكار التي تنتظم حولها أطروحة النص وحجاجه، وذلك من خلال تناول العناصر الآتية:
- العدوانية بوصفها شكلا للعنف؛
- تدبير المجتمع (الحضارة) للعدوانية بوصفها شكلا من أشكال العنف بواسطة التربية؛
- احتكار الدولة للعنف…
( يعتبر التحليل جيدا إذا كان شاملا للمفاهيم والقضايا المرتبطة بالموضوع )

3- المناقشة: (05 نقط)
يمكن للمترشح أن يناقش أطروحة النص التي تعتبر أن تدبير العنف وتنظيمه من اختصاص الدولة، في ضوء العناصر الآتية:
- دور العنف في التاريخ؛
- الدولة بين الحق والعنف؛
- العنف والمشروعية…
( تعتبر المناقشة جيدة إذا كانت الإحالات والأقوال والأمثلة المعتمدة متنوعة وملائمة للسياق )

4- التركيب: (03 نقط)
يمكن للمترشح أن يخلص، من تحليله ومناقشته، إلى إبراز الطابع المعقد والمفارق لعلاقة الدولة بالعنف، وحق ممارسته واحتكاره، وأثر ذلك على مشروعية الدولة واستمراريتها.

5- الجوانب الشكلية: (03 نقط)

* مرجع النص: غاستون بوتول، مقدمة كتاب: عنف الإنسان أو العدوانية الجماعية، لفاوستو أنطونيني، ترجمة نخلة فريفر، معهد الإنماء العربي، 1989، ص 8-9

منهجية مقاربة السؤال المفتوح:
إن التوجيهات الصادرة في هذا الشأن، ا تؤكد على تصور منهجي مضبوط لمقاربة السؤال المفتوح، وهذا أمر يفسح المجال لكثير من التضاربات والتأويلات. ونعتقد أن طريقة السؤال المفتوح هي - بالعكس - من الطرق، الأكثر استعمالا لتقييم التلاميذ مقارنة مع طريقة القولة-السؤال. حيث أن الملاحظة الموضوعية تبين أن المواضيع المقترحة – في فرنسا نموذجا – تكاد تنحصر في نوعين : السؤال المفتوح ومقاربة النص. وحتى تكون منهجية مقاربة السؤال المفتوح، في المتناول سنصحب الخطوات النظرية بنموذج، الهدف منه الاقتراب من الكيفية التي يمكن من خلالها فهم الجانب النظري.
من أجل ذلك، نقترح السؤال التالي : " هل يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية ؟ "
يمكن أن نلاحظ أن هذا السؤال قابل لكي نجيب عليه بالنفي أو الإيجاب أو برأي ثالث يتأرجح بينهما...إلخ. صحيح أن الفلسفة تفكير نقدي، إلا أنها، في ذات الوقت، تفكير عقلي منطقي ينبني على المساءلة، والفهم، والتفكير، قبل إصدار الأحكام. وحتى لا يظهر موضوعنا في صورة الأحكام القبلية والجاهزة ؛ لا بد من أن يكتسي صيغة إنشاء، أي بناء فكري متدرج ينطلق من الفهم إلى النقد، مستثمرين الأطروحات الفكرية والفلسفية التي نعرفها.
لنتفحص السؤال المطروح أولا :
يلاحظ ، أننا إذا أزلنا الطابع الاستفهامي للسؤال ( هل] يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية [؟ )، نحصل على العبارة التالية : " يمكن اعتبار الشخصية حتمية اجتماعية ". الأمر الذي يستدعي منا، أولا، توضيح ما معنى أن تكون الشخصية حتمية اجتماعية؟ ! قبل أن ننطلق في مناقشة " هل يمكن اعتبارها حتمية اجتماعية ؟ ". ونعتقد أن تسجيل هذه الملاحظة الأولية سيساعدنا على تمثل الخطوات المنهجية اللاحقة.
1) طبيعة المقدمة
لا يجب، أبدا، أن ننسى أن هدف المقدمة في الفلسفة، هو أن نحول الموضوع، المطروح علينا، إلى قضية إشكالية. وعليه، لابد أن يتحول السؤال ذاته، إلى إشكالية. وذلك بتأطيره، أولا، داخل الموضوعة العامة، ثم داخل الإشكالية الخاصة. كما هو الشأن بالنسبة للنص، أو القولة. لكي تنتهي مقدمتنا، بالتساؤلات الضرورية، المستلهمة من السؤال المطروح علينا ذاته. وحتى يكون كلامنا إجرائيا نعود إلى " سؤالنا ".
للتأطير الإشكالي، للسؤال المقترح، يمكن أن يتخذ تقديمنا العام، صيغا متنوعة. كأن نستغل – مثلا - التنوع الدلالي لمفهوم الشخصية، أو نستغل طبيعة الفلسفة وما تتسم به من خصوصية في دراستها للقضايا المتميزة بطابعها الإشكالي، لنخلص بعد ذلك إلى التأطير الإشكالي للسؤال، بإظهار أن هذا السؤال يحتم علينا مقاربة مفهوم الشخصية خصوصا من حيث إشكالية الشخصية وأنظمة بنائها. لننتهي إلى طرح الإشكالية من خلال صيغة تساؤلية كالآتي : ما معنى أن تكون الشخصية حتمية اجتماعية؟ وإلى أي حد يمكن اعتبارها (أي الشخصية) منتوجا حتميا لمعطيات اجتماعية موضوعية ؟ فلا يجب أن ننسى أن المهم في بناء الإشكالية، ليس هو وضع التساؤلات لذاتها، ولا عددها ؛ وإنما التعبير عن التساؤلات التي سنجيب عنها، والتي لن تؤدي الإجابة عنها إلى الخروج عن الموضوع.
2) طبيعة العرض
ينقسم العرض إلى مرحلتين، وبالتالي لحظتين فكريتين متكاملتين :
مرحلة فهم القضية المطروحة علينا لتقييمها،و يمكن الاستعانة بالجهاز المفاهيمي للقولة ، ويجب في ذلك أن نستغل مكتسبنا المعرفي والأطروحات التي درست. حيث يجب أن تنم كتابتنا عن تأطير فكري للقضية التي سنناقشها. ومن أجل ذلك، يجب أن تبتعد كتابتنا عن العموميات و"الكلام المبتذل" الذي يمكن أن نجده عند "أي كان". إلا أنه، في ذات الوقت يجب أن نتحاشى الطابع السردي، الذي لا ينم إلا عن الحفظ والاستظهار. فنعمل، بالتالي، عن الاستثمار الوظيفي الجيد للمدروس (في الفصل أو خارجه).
وبالنسبة " لسؤالنا " يتعلق الأمر هنا بإظهار تميز الخطاب السوسيوثقافي في التأكيد على الحتمية الاجتماعية للشخصية وأهمية التنشئة الاجتماعية في بنائها (توظيف نماذج من الأطروحات السوسيوثقافية)، مع الحرص على إبراز اقتراب بعض التصورات السيكولوجية من هذا التمثل. حيث، أن المدرسة السلوكية – مثلا – تنفي دور الاستعدادات الفطرية، والمؤهلات الفردية، في بناء الشخصية. كما تتميز المدرسة اللاشعورية، بتنويع مكونات الشخصية، إلى جانب فطري (الهو) وآخر ثقافي (الأنا والأنا الأعلى) والتأكيد على توجيه الجانب الثقافي للفطري. مما يؤكد التفاف العلوم الإنسانية (باستثناء المدرسة الشعورية) حول حتمية الشخصية. ويمكن الإشارة إلى وجود أطروحات فلسفية – قريبة من العلوم الإنسانية - تؤكد على الحتمية الاجتماعية للإنسان (الماركسية مثلا).
ليتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة البحث عن الأطروحات النقيض، وبالتالي، الاستغلال الوظيفي الجيد للأطروحات، التي ترى رأيا مناقضا لما تم طرحه سابقا بعيدا - كذلك - عن الحشو والسرد والاستظهار...
ويتعلق الأمر بالنسبة " لسؤالنا " بالأطروحات الفكرية التي تتمثل الشخصية، وبالتالي الإنسان، بعيدا عن الإكاراهات الاجتماعية المباشرة، أو النفسية، الناجمة عن تلك الإكراهات. ويتعلق الأمر - في هذا الصدد - بالخطاب الفلسفي الذي يربط الشخصية بالوعي (كانط وديكارت مثلا)، والخطاب الفلسفي، الذي ينفي عن الإنسان، كل ثبات، فيرى الشخصية في تجدد أصيل، وفي ديمومة (برغسون). أو يرى أن ليس للإنسان ماهية ثابتة، لأن "الإنسان يوجد أولا، ثم يحدد ماهيته بعد ذلك" معبرا عن إرادته وحريته (سارتر).
3) طبيعة الخاتمة
ما ننفك، نؤكد على أن الخاتمة، لابد أن تتوزع إلى استنتاج، ورأي شخصي. فالاستنتاج يجب أن يكون دائما مستلهما من العرض فيعتبر، بالتالي، حصيلة، وملاحظة موضوعية للتنوع الفكري الذي يشوب النظرة إلى القضايا ذات الطبيعة الفلسفية. الأمر الذي يعطي لنا، كذلك، الفرصة لندلي بدلونا في الأمر، ونعطي رأيا في الموضوع. إلا أن هذا الرأي، لابد أن يكون مبررا باقتضاب، فنوظف - من أجل ذلك - ما نعرفه من أطروحات. وفي كل الأحوال يجب أن نتحاشى الآراء الفضفاضة من قبيل "الأجدر أن نتبنى ما ذهب إليه الخطاب الفلسفي." أو "وفي هذا الموضوع يستحسن أن نتفق مع الخطاب السوسيوثقافي." ...إلخ، لأن هذا، كما يلاحظ، كلام يحتاج إلى بعض التوضيح.
موقع ثانوية عبد الرحمان زكي التأهيلية(بتصرف)
كيف تحرر موضوعا فلسفيا...؟؟!!

وضع تصميم للموضوع :
بعد أن يطرح الموضوع ، يجب عليك قراءته بإمعان كما لا يجب عليك الاكتفاء بقراءة واحدة. وبعد هذه الخطوة المهمة يتوجب عليك وضع تصميم للموضوع. وعملية وضع التصميم تفترض مرحلتين:· أن تسجل جميع الأفكار والنظريات والمواقف المتعلقة بالموضوع، دون أن تتبع أي ترتيب معين، بل يكون الشرط الوحيد الذي يجب مراعاته هو أن تكون هذه الأفكار متعلقة بالموضوع. وتسجيل الأفكار يكون على مسودة وبطريقة مختصرة. و الذي نقصده بهذه العملية، هو استرجاع جميع المعلومات التي يعرفها المرشح والتي لها علاقة بالموضوع. وأثناء استرجاع المعلومات وتجميعها يجب على المرشح أن يتساءل دائما: هل فهمت الموضوع فهما جيدا ؟ وهل مازلت في صلب الموضوع؟· بعد تسجيل جميع الأفكار التي تعرفها والتي لها علاقة بالموضوع تقوم بتنظيم هذه الأفكار وتكوين تصميم للموضوع استنادا إلى هذه الأفكار. والتصميم لا يكتب أبدا في الورقة التي تقدم في الاختبار ( التقويم/ الامتحان)، بل يبقى على المسودة ويلتزم المترشح به أثناءتحريره للموضوع .
تحرير الموضوع:
وهذه المرحلة عبارة عن استراتيجية للإشتغال. إذن على المرشح أن يرتب هذه الأفكار فيقدم فكرة على فكرة ويجعل من هذه الفكرة مثلا مقدمة أو خاتمة أو يركز عليها لكونها فكرة هامة ... ويجب أن يتبع المرشح في وضعه للتصميم تسلسلا منطقيا بحيث تكون كل خطوة من خطوات التصميم تمهيدا للخطوة اللاحقة.تحرير الموضوع:بعد ان تنتهي من وضع التصميم تبدأ في تحرير الموضوع . ويجب أن لا تستغرق عملية وضع التصميم أكثر من ربع الوقت المخصص للكتابة الفلسفية. ويجب أن يحرر الموضوع بخط واضح ومقروء، وأن تتفادى الوقوع في الأخطاء الإملائية واللغوية. كما ينبغي عليك أن تستعمل علامات الوقف، فإن عدم استعمالها لا يساعد المصحح على فهم الموضوع، كما أن من شأن هذا أن يغير المعنى المقصود. وعملية تحرير الموضوع يجب أن تشمل ثلات مراحل:
· المرحلة الأولى: (المقدمة)
إن المقدمة هي إثارة الموضوع، وهي المدخل الذي ننفذ منه إلى الموضوع، لكن دون الدخول في التفاصيل وإنما الإشارة إلى ما سنتناوله في المناقشة. لكن المشكل الصغير الذي يصادفه الكثيرون هو الصعوبة التي يجدونها في الدخول إلى الموضوع وفي كتابة المقدمة فيضطرون إلى كتابة مقدمات سطحية وتافهة، وفي بعض الأحيان لا علاقة لها بالموضوع. كأن يقدم أحد المرشحين لموضوع يتعلق بالحرية فيقول " إن موضوع الحرية من أهم الموضوعات الفلسفية..." إن كلاما كهذا لا معنى له و لا يصلح مقدمة، إذ من المسلم به أن موضوع الحرية موضوع هام ولو لم يكن هاما لما كان من بين الموضوعات المقررة ولما أعطي كموضوع للمعالجة في الامتحان.
ان المقدمة يجب أن تكون تمهيدا للطرح الاشكالي، ويكون صلب الموضوع تحليلا ومناقشة لهذا الاشكال، بالاضافة الى أن المقدمة مناسبة لتأطير الموضوع من خلال ابراز علاقته بالمجزوءات و المفاهيم و المحاور التي تناولتها دروس الفلسفة. وإذا وجدت صعوبة في إيجاد مقدمة مناسبة، ابدأ في تحرير الموضوع بناء على التصميم الذي وضعته وبعد ذلك ستأتي المقدمة من تلقاء نفسها.
· المرحلة الثانية: (التحليل و المناقشة)
وهو أهم مرحلة من مراحل الموضوع، ويتطلب من المترشح أن يتناول الاشكال المطروح بالتحليل و المناقشة، فيستخرج الأطروحة و يناقش مبرراتها، معتمدا على المعرفة الفلسفية التي تلقاها .
إن على المترشح أن يعالج في هذه المرحلة المشكلة التي يعرضها الموضوع بكيفية مباشرة. ويجب أن يعرض في طريقة تحريره لصلب الموضوع طريقة جدلية ، أي يعرض للرأي ثم للرأي المعارض له ثم يصل إلى رأي يجمع بين الرأي الأول والثاني ( أطروحة ونقيض الأطروحة وتركيب الأطروحتين). فلو سألنا: " هل يمكن أن تتحول الأخلاق إلى دراسة للعادات الأخلاقية؟" لوجب علينا أن نعرض إلى وجهة النظر القائلة أن الأخلاق هي عادات أخلاقية ثم للنقد الذي يوجه إلى وجهة النظر هذه، وأخيرا نصل إلى رأي في الموضوع يعتبر بمثابة جواب على السؤال "هل" وإذا ما اتبعنا دائما طريقة جدلية في طرح الموضوع فسيشعر المصحح أن هناك وحدة وترابطا بين عناصر الموضوع. ولكن يجب أن نحسن الإنتقال من الأطروحة إلى نقيضها بحيث نشعر المصحح بهذا الإنتقال وبأن الأمر يتعلق بنقد مستمر للفكرة التي نعالجها
ولا نقوم بأن نسوق النظرية ثم نسوق النظرية المعارضة لها دون أن نحدث بينهما علاقة ودون أن نبرز انتقالنا إلى النظرية المعارضة. فبعض المرشحين يتكلم مثلا عن موقف برغسون فيقول :" أما عن موقف برغسون... وهنا نلاحظ أن الكلام عن برغسون لم يأت كاستمرار للكلام عما سبقه. ولا يجب أن ننتقل من موقف إلى موقف أخر إلا بعد أن نكون قد انتقدنا الموقف الأول، بحيث يكون هذا النقد تمهيدا للموقف المعارض. فلو سئلنا مثلا " هل الحرية شعور، أم هي فعل للتحرر؟ سنتعرض للموقف الذي يقول أن الحرية شعور، ثم ننتقد هذا الموقف، ونقدنا للموقف سيدفع بنا حتما للكلام عن الموقف الذي يقول أن الحرية فعل للتحرر.
· المرحلة الثالث : (الخاتــــــــمـــــة)
إن خاتمة الموضوع يجب أن تكون بمثابة تلخيص سريع للموقف الذي وصل إليه المرشح بعد معالجته للموضوع. وفي الخاتمة لا تطرح قضايا جديدة، بل على العكس من ذلك يقوم المرشح بتجميع سريع للآراء التي تعرض لها وللموقف الذي وصل إليه.) الرأي الشخصي) وعلى المرشح أن يتحاشى الخاتمة السطحية والتي ليست لها علاقة بالموضوع ، و يمكن انهاء الموضوع بسؤال، شريطة أن يكون سؤالا فلسفيا يحيل على اشكال جديد و يفتح الموضوع على افاق جديدة .

موقع علم النفس المعرفي
(مع بعض الاضافات)
بعض النصائح العامة لتحرير موضوع فلسفي
*** يجب أن تعبر تعبيرا واضحا عن أفكارك، وبأسلوب فلسفي ما أمكن، فتجنب الكتابة والتعابير الأدبية، لأن الفلسفة تتطلب نوعا من التفسير الدقيق والتوضيح المركز للأفكار بأسلوب فلسفي رصين.***إن قيمة الموضوع لا تقدر بعدد الصفحات التي تكتبها، والمصحح لايقدر مطلقا الموضوع على أساس الصفحات. لذلك إذا رأيت أنك قلت جميع ما تعرف عن الموضوع فلا داعي أن تستمر في الكتابة بحجة أن الموضوع قصير. فالحشو لن يكون في صالحك أبدا.
***يجب أن تشعر المصحح أنك اتبعت في تحريرك للموضوع تصميما معينا، وعليك أن تلتزم بالتصميم وأن يبرز ذلك في التحرير. ومهما كانت لديك من المعلومات فإنك لن تتوفر على جميع المعلومات المتعلقة بالموضوع، لأن طبيعة الفلسفة أنها ليست معرفة أو علم وإنما هي طريقة في التفكير وفي تناول الموضوع. وإذا كان الأمر كذاك فيجب أن تهتم بكيفية عرض أفكارك وتنظيمها.
***فالمهم ليس هو حشد أكبر قدر من المعلومات، وإنما طرح الموضوع فلسفيا، وبالطريقة التي ذكرناها، وباستخدام المعلومات التي لديك. فالمعلومات ليست كل شيء إذ لابد من إدراج هذه المعلومات في إطار عام يعطيها قيمتها الخاصة.
***يجب استخدام الأمثلة في الموضوع استخداما حسنا، بحيث تحافظ على طبيعة المثال، أي يكون إدراج المثال لشرح أو تدعيم فكرة معينة. ولكن لا تتكلم عن المثال قبل الكلام عن الفكرة واضحة في حد ذاتها، وما المثال إلا لتدعيم وزيادة وضوحها أكثر. ويجب أن تتفادى حشو الموضوع بعدد كبير من الأمثلة بحيث يصبح الموضوع مجموعة أمثلة تربطها عبارات قصيرة.
***كن واضحا وبسيطا وصادقا. واضحا من حيث التعبير والخط، وبسيطا من حيث عدم المبالغة في الإهتمام بشكلية الموضوع. فيجب أن يكتب الموضوع بخط واضح مقروء وأن يلتزم في كتابته قوعد اللغة ..
***يجب مراجعة الموضوع بعد تحريره مراجعة دقيقة لتتأكد من أنك لم ترتكب أخطاء إملائية أو نحوية.· أسماء الفلاسفة الأجانب تكتب بشكل سليم باللغة العربية أوبالأحرف اللاتينية. ومن المستحسن وضع الأسماء بين قوسين أو مزدوجتين

موقع علم النفس المعرفي
(مع بعض الاضافات)
منهجية مقاربة القولــــــــة
الهدف من هذه الصيغة التقويمية هو اختبار مهارات وكفايات المترشح في تحليل ومناقشة الأقوال الفلسفية القصيرة والتي تتميز دلالتها بالتركيز والتكثيف والإضمار ... وتكون الإجابة على هذه الصيغة التقويمية بإنجاز كتابة إنشائية منظمة ذات طابع فلسفي، تحقق المطالب المنهجية التالي:
1. المقدمة :( الطرح الإشكالي)
المطلوب في هذا المستوى الأول من الكتابة الإنشائية، إعطاء تمهيد يربط القولة بالاشكال العام ، يبرز الموضوعات الأساسية للقولة ( الحقيقة أو النظرية أو علاقة الحق بالقانون...الخ)، ثم صياغة الإشكال المطروح ، صياغة استفهامية تعتمد تساؤلات إشكالية دقيقة وواضحة ومرتبة ترتيبا منطقيا ينقلنا من العام إلى الخاص، أي من التساؤل الإشكالي العام إلى التساؤل الإشكالي الخاص بالقولة والسؤال المذيل لها...
2. العرض (التحليل والمناقشة)
المطلوب في هذا المستوى الثاني من الكتابة الإنشائية، الإجابة عن أسئلة التمهيد من خلال عمليتين:
◄ العملية الأولى: تحليل تصور القولة
.*** تحديد وتوضيح المفاهيم الأساسية للقولة وإبراز علاقاتها وتقابلاتها الظاهرة والمضمرة...
*** استخراج الإطروحة التي تتضمنها والكشف عن الحجاج الذي تضمره أو تفترضه أو يمكن توظيفه لبنائها، باعتبار القولة وقضيتها الأساسية هي من جهة نتيجة لمقدمات استدلالية حجاجية غائبة ينبغي استدعائها وإظهارها في التحليل، وهي من جهة أخرى( القولة وأطروحتها) مقدمة استدلالية لنتائج غير ظاهرة في منطوق القولة استنباطها وإظهارها في التحليل..
◄العملية الثانية مناقشة تصور القولة
وعلى هذا المستوى يقوم بإخضاع أطروحة أو موقف القولة للنقد والتقييم وتوظف في هذه العملية النقدية مواقف الدرس المؤيدة أو المعارضة مع ضرورة الربط والمقارنة بين المواقف المعروضة وإجراء ضرب من الحوار بينهما بشكل يظهر معه الموقف الذي تتبناه القولة بأنه ليس الوحيد أو النهائي...الخ
3. الخاتمة: (استنتاج التركيب)
المطلوب في هذا المستوى الأخير من الكتابة الإنشائية إعطاء خلاصة تركيبية تنسجم مع منطق التحليل والمناقشة وتمكن من إبداء الرأي الشخصي بما يجب من المرونة والاحترام للرأي المخالف...الخويمكن تحويل نتائج التحليل والمناقشة إلى تساؤلات إشكالية تغني وتعمق أكثر البحث في الموضوع الذي تعالجه القولة وتترك أفق التفكير فيه مفتوحا على فرضيات واحتمالات أخرى.

موقع علم النفس المعرفي
(مع بعض الاضافات)
نموذج تحليل السؤال:

لماذا الدولة ضرورية؟

تمهيد:
يندرج هذا السؤال ضمن مجزوءة السياسة ، ويعالج مفهوم الدولة ، من خلال البحث في غاياتها وأهدافها والأسس التي تنبني عليها مشروعيتها. ذالك انه إذا كانت غاية الدولة هي تنظيم أمور المجتمع، وضمان أمنه واستقراره، وحماية حرية أفراده وحقوقهم، فإنها أحيانا تتحول إلى مؤسسة تمارس على أفراد المجتمع نوعا من الهيمنة والعنف، فتتجاوز الغايات التي أسست من اجلها. هذه الأدوار المتناقضة للدولة تطرح إمكانية التخلي عنها ، وتشكك في مشروعيتها وغاياتها. وتجعلنا نطرح مجموعة من التساؤلات أهمها: لماذا الدولة ضرورية؟ومن أين تستمد مشروعيتها؟ وهل بالإمكان التخلي عن دور الدولة ووظيفتها؟
عرض:
لو تأملنا السؤال الذي بين أيدينا لوجدنا أنه يعبر عن أطروحة ضمنية قائمة على اعتبار أن وجود الدولة أمر ضروري بالنسبة للحياة الإنسانية، الشيء الذي يجعلنا نبحث ونتساءل: أين تكمن ضرورة الدولة؟وما الذي يجعل منها أمرا ضروريا لضمان استقرار الوجود الاجتماعي للإنسان؟
إن وجود الدولة هو نتيجة طبيعية لرغبة الإنسان في الانتقال من حالة الطبيعة التي تقوم على "حرب الكل ضد الكل" وقانون البقاء للأقوى ، وبالتالي انتشار الفوضى والاضطراب داخل المجتمع ، إلى حالة الثقافة أي حالة المجتمع المدني المنظم القائم على تعاقد مواطنيه ، والتزامهم بقوانين تنظم حياتهم وتضمن استقرارهم وتحمي حقوقهم وحرياتهم ، هذا الانتقال فرض ضرورة وجود دولة ترعى بنود هذا التعاقد وتسهر على حسن تطبيقه وتفرض الامتثال لبنوده . يبدو ادن أن وجود الدولة نابع من قصور المجتمع عن تسيير شؤونه بنفسه في غياب هده المؤسسة التي تحفظ وجوده وتضمن استمرا ريته .
لكن هده الدولة قد تلجأ أحيانا لممارسة أشكال من العنف والهيمنة واستعمال القوة ، الشيء الذي يشكك في ضرورتها . ويطرح السؤال التالي :هل بالإمكان التخلي عن دور الدولة ووظيفتها؟
إن الدولة في محاولتها لتنظيم المجتمع وتحقيق الأمن والاستقرار قد تجد نفسها مضطرة أحيانا إلى ممارسة القمع والعنف ، لكن هذا العنف ، قد يكون حقا مشروعا ، عندما يكون خاضع للقانون والمصلحة العامة للمجتمع ، أما عندما تتجاوز ممارسة الدولة حدود القانون ، فإنها تصبح عنفا لا مشروعا . ورغم ذالك يبقى وجود الدولة و استمرارها أمرا ضروريا، لان غيابها يعني سيادة نظام الغاب والرجوع بالمجتمع إلى حالة الطبيعة.فأين تتجلى أهمية هذه الأطروحة في الفكر الفلسفي؟
لقد أكد فلاسفة الأنوار، من خلال نظرية العقد الاجتماعي كما صاغها "جون جاك روسو" و" طوماس هوبز" وآخرون ، أن انتقال الإنسان من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة والمجتمع المنظم ، فرض ضرورة قيام الدولة من خلال تعاقد بين الأفراد ، تكلفت الدولة بموجبه بالسهر على حقوق الأفراد وحماية حرياتهم .في هذا السياق يأتي "موقف اسبينوزا" الذي اعتبر أن الغاية القصوى من تأسيس الدولة ، ليست إرهاب الناس وقهرهم وممارسة القمع ضدهم ، بل إنها تستمد مشروعيتها من دورها في حماية القانون وضمان الحريات وتحرير الفرد من الخوف . أما "جون لوك" فقد اعتبر أن مشروعيتها مدنية وليست دينية ، لان الحاكم المدني تنحصر مهمته في حماية الخيرات المدنية (الحرية وسلامة البدن) ، ولا علاقة له بنفوس الأفراد.
خاتمة:
هكذا نستنتج أن الدولة وسيلة فعالة وأداة ضرورية لاستقرار المجتمع واستمراره ، وهذا ما أكدت عليه (نظرية العقد الاجتماعي), لكن هناك اتجاه آخر يتجاوز هذا (التصور البراغماتي) للدولة ويعتبرها غاية في ذاتها لا تقتصر وظيفتها على الحماية والأمن، بل إنها تمثل عقل الأمة، وتعبر عن قيم المجتمع ومصالحه. وفي رأيي أن الدولة تمثل أهم وسيلة من وسائل الاستقرار الاجتماعي والسياسي.لكن هذا لا يتناقض مع كونها غاية في ذاتها، تسمو على كل الغايات الفردية والمصالح الشخصية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت السلطة السياسية التي تمارسها الدولة تقوم على القهر والعنف وتجاوز القوانين، هل يبقى للدولة من ضرورة؟

إعداد: لبنى أزموز الثانية علوم الحياة و الأرض

صيغ مساعدة في الكتابة الانشائية للمقولة والنص

بالنسبة للقولة /السؤال
-في التحليل :
-ان محاولة الكشف عن المضمون النظري الذي تعبر عنه القولة يتطلب اجرائيا التحديد الدقيق للمفاهيم التي تؤثثه هكذا نجد مفهوم...........
-واذا كشفنا في لحظة اولى عن اللبس الذي تثيره المفردات السابقة يمكن ان نتساء مالذي تريد القولة التعبير عنه؟
الى اي حد يمكن ان نعتبر الموقف المعبر عنه في القولة كافيا في التعبير عن اشكال...؟
-في المناقشة
بطبيعة الحال يتساوق الموقف المعبر عنه من خلال القولة مع جملة مواقف..........
لكن ماحدود الموقف السالف؟
-في الخاتمة
-يبدو ان هناك موقفين حيال اشكالية--------
-ولعل من المنصف القول ان ....

بالنسبة للنص الفلسفي

بالنسبة لمرحلة التحليل.
صيغ للحديث عن أطروحة النص:
"يدافع النص عن أطروحة مفادها..."
"يسعى النص إلى إثبات..."
"النص في مجمله دفاع عن ..."، "
من الواضح أن النص ينتصر لأطروحة مفادها..."
للحديث عن المفاهيم والبنية المفاهيمية:
"ومن الجدير بالذكر أن ... يفيد..."
"من المعروف أن ... يعني..."،
"إذا أردنا الوقوف على مفهوم... سنجد أنه يدل على..."
"نلاحظ حضورا قويا لمفهوم... ويقصد به..."
"لكن مالمقصود ب...؟ يقصد به..."
" وفي هذا الإطار نشير إلى أن ...... تعني ......".
صيغ للحديث عن الأسلوب الحجاجي للنص:
"لإثبات هذه الفكرة استعمل النص أسلوب...ليوضح كيف أن..."
"هنا لجأ النص إلى...لإبراز..."،
" ولكي يدلل على...قارن..."
، "لنلاحظ كيف استعمل... ليصل إلى أن..."،
"لايكتفي النص ب... بل..."
صيغ للحديث عن مسار تشكل الأطروحة داخل النص:
"فيما يخص بنية النص نلاحظ أنه انطلق من ... إلى..."
"بعد أن حدد النص... انتقل إلى..."،
" اعتمد النص عموما على أسلوب....."،
صيغ لإستدعاءالمكتسبات المعرفية الملائمة:
" ولنضرب لذلك مثلا..."
، "وبعبارة أخرى..."،
"وهذا يعني أن..."
"الشيء الذي يتطابق والأطروحة القائلة..."، "
" يمكن أن نفسر ذلك بالقول..."
لكن، مالمقصود ب...يفهم من ذلك أن..."،
"ولعل هذا ما ذهب إليه أيضا..."

بالنسبة لمرحلة المناقشة

صيغ للإنتقال إلى المناقشة:
--"نلخص ماسبق بالقول إن النص ينتصرللأطروحة القائلة...ولكن إلى أي حد.../ هل صحيح أن.../ألا يمكن...؟"
--"انتهينا مع النص إلى أن...ولكن..."
-- "يتبين وفق منطق النص أن...فإلى أي حد..."،
-- " لحد الآن نظرنا إلى ... من زاوية..... ماذا لو ....؟" إلخ....
صيغ للشروع في المناقشة الداخلية:
"نلاحظ بأن البنية الحجاجية للنص لاتعتمد سوى على..."
-- " إن أغلب حجج النص ذات طبيعة..."
-- " إن النص يحيل على... دون أن يقدم توضيحا حول..."
-- " استشهد النص بــ.... ولكن ماذا عن .....؟"إلخ....
صيغ للشروع في المناقشة الخارجية:
--"يمكن أن نتناول الإشكالية من زاوية أخرى..."
-- "على النقيض مما سبق، تؤكد الفلسفة أو التصور الفلاني بأن..."
-- " إننا بهذه الأسئلة ننفتح على تصور مغاير..."
-- "بهذه الأسئلة، نتموقع ضمن تصور معارض يرى بان..."

صيغ بالامكان اعتمادها في الخاتمة

خلاصة القول.../ حاصل القول.../ مفاد القول..../ بناء على ما سبق نستنتج أن ..../ مجمل ما سبق، يمكن تحديده كالتالي.../ امام هذه الأفكار المتباينة حول مسألة .... نخلص إلى ان .../


ملخص درس:النظرية والتجربة

جاء في معجم روبير بأن النظرية " هي مجموعة من الأفكار والمفاهيم المجردة المنظمة قليلا أو كثيرا، والمطبقة على ميدان مخصوص". وفي معنى ثان النظرية " بناء عقلي منظم ذو طابع فرضي تركيبي". كما جاء في المعجم الفلسفي لأندري لالاند بأن النظرية " هي إنشاء تأملي للفكر يربط نتائج بمبادئ". هكذا فالنظرية في معناها الاصطلاحي التأملي هي نسق من المبادئ والقوانين ينظم معرفتنا بمجالات خاصة من الواقع، ويتضمن هذا النسق بناءا منطقيا له مكوناته ويخضع لنظام فرضي استنباطي.
أما التجربة في معناها العلمي فهي مجموعة من العمليات التي يتم بمقتضاها إحداث ظاهرة ما في المختبر، بهدف دراستها والوصول إلى بناء معرفة حولها. والتجربة بهذا المعنى هي التي تمكن من معرفة القوانين المتحكمة في الظواهر الطبيعية. وتطرح علاقة النظرية بالتجربة عدة إشكالات إبيستملوجية في مجال المعرفة العلمية الدقيقة، سنثير أهمها في محاور هذا الدرس.

المحور الأول: التجربة والتجريب.

* إشكال المحور: ما هو دور التجريب في بناء النظرية؟ وهل يعتبر التجريب في معناه التقليدي المقوم الوحيد في تفسير الظواهر الطبيعية أم أن لعنصر الخيال العقلي دور في ذلك؟

1- موقف كلود برنار:
يرى كلود برنار أن إحاطة العالم بمبادئ المنهج التجريبي، التي من شأنها أن تجعله يصل إلى الحقيقة العلمية، تتطلب منه الالتزام بشرطين أساسيين: الأول يتمثل في توفره على فكرة يعمل على فحصها انطلاقا من وقائع صحيحة ومنظمة، أما الثاني فيتمثل في ضرورة استخدام العالم كل الأدوات التي من شأنها أن تمكنه من ملاحظة الظاهرة المدروسة ملاحظة كاملة وشاملة.
هكذا يرى كلود برنار أنه على العالم الملاحظ للظواهر أن ينقل بدقة ما هو موجود في الطبيعة، إن عليه أن ينصت إلى الطبيعة، وأن يسجل ما تمليه عليه. من هنا تأتي الملاحظة في بداية المنهج التجريبي، ثم تتلوها الفكرة العقلية التي تسعى إلى تفسير الظاهرة، وبعد ذلك يتم التأكد من الفرضية المفسرة عن طريق التجربة العلمية التي تعتبر معيارا للتحقق من صحة الفرضية أو عدم صحتها.
انطلاقا من كل هذا يحدد كلود برنار خطوات المنهج التجريبي التي تجمع بين الفكر النظري والممارسة التجريبية، حيث تأتي الملاحظة في بداية هذا المنهج لكي تتبعها فكرة عقلية منبثقة عنها، هذه الفكرة التي يتم الاستدلال عليها انطلاقا من التجربة.
فالتجربة إذن هي منطلق بناء النظرية العلمية، وهي المعيار الوحيد لصلاحيتها.

2- موقف روني طوم:
إذا كان التجريب حسب التصور التقليدي هو معيار للتحقق من الفرضية، فإن روني طوم يرى أنه لا يمكن الحديث عن فرضية علمية غير مؤسسة على نظرية سابقة. فكل نظرية تتضمن في نظره كيانات خيالية يتم التسليم بوجودها، مما يعني أن لعنصر الخيال العقلي دور كبير في التجريب العلمي. هكذا اعتبر روني طوم أنه من الوهم الاعتقاد مع أنصار النزعة التجريبية التقليدية بأن التجربة هي وحدها التي تمكننا من فهم العلاقات السببية بين الظواهر الطبيعية. فالتجريب لا يكفي وحده لفهم الظواهر الطبيعية وأسبابها، بل لا بد من إقحام عنصر الخيال العقلي الذي يعتبر تجربة ذهنية مكملة للتجربة التي تتم بواسطة الأدوات العلمية في المختبر.
هكذا يؤكد روني طوم على التكامل الحاصل بين ما هو واقعي تجريبي من جهة، وما هو عقلي خيالي من جهة أخرى؛ إذ لا يمكن للتجريب العلمي الاستغناء عن التفكير العقلي الذي يعد عملية معقدة ومتشابكة يصعب ضبطها من خلال منهج محدد.

المحور الثاني: العقلانية العلمية.
*إشكال المحور: ما هي طبيعة المعرفة العلمية المعاصرة؟ وكيف تتحدد علاقة العقل والتجربة داخل هذه المعرفة؟


1- موقف إنشتين:

يؤكد إنشتين على أن النسق النظري للعلم المعاصر يتكون من مفاهيم ومبادئ هي إبداعات حرة للعقل البشري. من هنا فالنظرية العلمية تبنى بناءا عقليا خالصا، أما المعطيات التجريبية فهي مطالبة بأن تكون مطابقة للقضايا الناتجة عن النظرية وتابعة لها.
هكذا يعتبر إنشتين أن العقل العلمي الأكسيومي بكل ما يتميز به من رمز وتجريد، كفيل بإنشاء النظرية العلمية، وما التجربة إلا المرشد في وضع بعض الفرضيات من جهة، وفي تطبيقها من جهة أخرى. كما يؤكد على الدور الذي أصبح يلعبه العقل الرياضي في الكشف عن النظريات العلمية ابتداءا ودون أية تجارب سابقة. فالبناء الرياضي الخالص يمكننا من اكتشاف المفاهيم والقوانين التي تعتبر مفتاحا لفهم الظواهر الطبيعية. وهذا ما يجعل العقل الرياضي هو المبدأ الخلاق في العلم، كما يجعل من العقلانية العلمية المعاصرة عقلانية مبدعة.

2- موقف غاستون باشلار:
يؤكد باشلار على أهمية الحوار الجدلي بين العقل والتجربة في بناء المعرفة العلمية. تتأسس الفيزياء المعاصرة في نظره على يقين مزدوج: الأول يتمثل في أن الواقع العلمي ليس واقعا معطى عن طريق الحواس، بل هو واقع مبني بناءا عقليا ورياضيا، وهو ما يعني أن الواقع يوجد في قبضة العقل. أما اليقين الثاني فيتمثل في القول بأن بناءات العقل وبراهينه لا تتم بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا انتقد باشلار النزعة الاختبارية الساذجة التي اعتقدت أن التجربة هي مصدر بناء النظرية العلمية، كما انتقد النزعة العقلانية المغلقة التي تصورت أن العقل قادر لوحده على بناء المعرفة بشكل منعزل عن الواقع. وعلى العكس من ذلك اعتبر باشلار أن بناء المعرفة العلمية المعاصرة يتم في إطار حوار متكامل بين العقل والتجربة. هكذا فالعقل العلمي المعاصر مشروط بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهو ليس عقلا منغلقا ثابتا بل منفتحا على الواقع العلمي الجديد الذي يتناوله. من هنا ينعت باشلار فلسفته بالعقلانية المنفتحة وأيضا المطبقة، والتي تتم داخل وعي غير معزول عن الواقع. لكن الواقع العلمي نفسه هو واقع متحول ومبني بناءا نظريا وعقليا.

المحور الثالث: معايير علمية النظريات العلمية.
*إشكال المحور: ماهو معيار علمية نظرية ما؟
1- موقف بيير تويليي:
إذا كان بيير دوهايم، وهو أحد أنصار النزعة التجريبية الوضعية، يرى بأن غاية النظرية الفيزيائية هو أن تمثل تماما، وبصورة صحيحة، مجموعة من القوانين التجريبية، بحيث يشكل الاتفاق مع التجربة بالنسبة للنظرية الفيزيائية المعيار الوحيد للحقيقة، فإن بيير تويليي يقول بمعيار تعدد الاختبارات كشرط أساسي للقول بعلمية نظرية ما. هكذا لا يمثل في نظره معيار القابلية للتحقق التجريبي المعيار الوحيد والنهائي لعلمية وصلاحية نظرية ما، بل لا بد من خروج النظرية من عزلتها التجريبية بإضافة فروض جديدة ترسم للموضوع الملموس، الذي يعتبر مرجع النظرية، نموذجه النظري المنسجم مع النظرية في كليتها.

إن أية تجربة علمية لا تتم بدون مساعدة نظريات أخرى، كما أنه لا توجد تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة دائما للمراجعة. لذلك فمعيار علمية النظرية يكمن من جهة في إخضاع النظرية لاختبارات تجريبية متعددة، والعمل على المقارنة بينها، كما يكمن هذا المعيار من جهة أخرى في اختبارات التماسك المنطقي للنظرية ومقارنتها بنظريات علمية أخرى.

2- موقف كارل بوبر:
إن معيار علمية النظرية عند كارل بوبر هو قابليتها للتفنيد أو التكذيب. هكذا يجب على النظرية، إن شاءت أن تكون علمية، أن تكون قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. ويرى بوبر أنه يمكن أن نطلق على معيار القابلية للتكذيب أيضا معيار القابلية للاختبار، لأن قابلية النظرية للتكذيب معناه أنه يمكن اختبارها بشكل دائم من أجل تجاوز العيوب الكامنة فيها. وهذا يدل على انفتاح النظرية العلمية ونسبيتها. أما النظرية التي تدعي أنها يقينية وقطعية ولا عيوب فيها، فهي مبدئيا غير قابلة للاختبار.

إن الطابع التركيبي والشمولي للنظرية يجعل من المستحيل تقريبا التحقق من صدقها أو كذبها بواسطة التجربة. لذلك اقترح بوبر القابلية للتكذيب معيارا لعلمية نظرية ما، وإن لم تكذب فعلا، أي أن تتضمن في منطوقها إمكانية البحث عن وقائع تجريبية تكذبها

ما هو مفهوم الحرية , وهل الإنسان حر ؟


إن هذا المفهوم , ومفهوم الله , ومفهوم والوجود , ومفهوم السببية وبعض المفاهيم القليلة الأخرى هي المفاهيم التي شغلت فكر كافة البشر .
في رأي . إن مفهوم الحرية تشكل لدي الإنسان نتيجة الحياة الاجتماعية المتطورة , وهو نتيجة تفكيره المتطور الذي يعتمد السببية , ونتيجة امتلاكه لغة متطورة .
فمفهوم الحرية يعتمد على الإرادة التي هي استجابة وفعل يقوم به الإنسان , وكذلك تملك كافة الكائنات الحية المتطورة الإرادة , ولكنها لا تملك مفهوم الحرية .
وهناك الشعور بالحرية أو الشعور بالقدرة على التعامل مع الخيارات المختلفة والاختيار الإرادي لأحدها . فالإنسان يشعر بأنه حر عندما ممارسته لإرادته في اختيار أحد الخيارات من بين خيارات كثيرة متاحة له . لذلك يصعب إقناع الإنسان بأنه غير حر, لأنه يحس ويشعر أنه حر, والأحاسيس يصعب تكذيبها .
ولكن هل الإنسان حر فعلاٌ ؟
أننا إذا درسنا غالبية خصائص إنسان معين , خصائصه الفزيولوجية والنفسية والفكرية – دوافعه ورغباته .... , ودرسنا العناصر والأوضاع والظروف المادية والاجتماعية والثقافية ..... الموجود فيها .فعلى الأغلب نستطيع التنبؤ بغالبية استجاباته وتصرفاته , ونجدها ناتجة عن العناصر والظروف الموجودة .
وهذا يعني أننا إذا وسعنا دائرة العناصر والتفاعلات , فإننا نجد أن تعامل هذا الإنسان مع الخيارات محكوم بالعناصر والظروف الموجودة , إي إن إرادته موجهة وتابعة لمحصلة تلك العناصر والظروف الداخلية والخارجية الموجودة .

أنا حر .
إن أغلب الأفراد يقولون هذا وهم يؤمنون وواثقون أنهم أحرار, ويشعرون أن لهم إرادة حره .
فهل هم أحرار فعلاً ؟
وما مدى حريتهم ؟
إن كل منا يشعر أنه حر وهو متأكد من ذلك فهو يشعر بحريته في اتخاذ القرارات , وهذا ما يؤكد له أن حر , فالشعور لا يكذب ولا يناقش .
ولكن نتيجة الملاحظة والتجربة والمعارف التي تكوٌنت ونتيجة المحاكمات الفكرية الدقيقة , يصل الكثيرين إلى أن حريتنا مشروطة بكثير من العوامل الداخلية والخارجية , وحكم هؤلاء في رأي أعلى دقة من ناحية انطباقه على الواقع الموضوعي العام .
فالإحساس والشعور الذاتي هو مطلق الصحة بالنسبة لصاحبه وهو مرتبط به وليس عاماً لدى كل البشر, وليس ضرورياً أن يشعر الآخرين بشعوره .
لذلك الحكم العام الذي بقول أن الناس ليسوا أحرار في تصرفاتهم هو أدق وأعلى صحة من الحكم بأن الناس أحرار في ما يريدون أن يفعلوا أو يتصرفوا أو حتى فيما يفكروا , لأنه يمكن التنبؤ بدرجة صحة عالية بتصرفاتهم , إذا قمنا بدراسة خصائصهم ودوافعهم وظروفهم , وهذا ينفي حريتهم بدرجة كبيرة .
ولكن يظل حكم كل منا , بأنه حر هو حكم صحيح بالنسبة له لأن الشعور الذاتي يصعب تكذيبه .

الإرادة والتعامل مع الخيارات
إن أساس الذكاء أو التفكير وكذلك الإدارة والقيادة هو التعامل مع الخيارات و لقد قيل:
"أن الذكاء هو انتقاء البديل الأمثل من ضمن عدة بدائل ( خيارات ) ممكنة في ضوء الغايات المحددة والمعايير المقررة سلفاً"
وهذا معناه أن أساس التفكير هو التعامل مع الخيارات لهدف معين .
وأبسط أنواع التعامل مع الخيارات هو التعامل مع خيارين فقط :
موجود-غير موجود، صح –خطأ، فعل – لا فعل ، مفيد- ضار ، أكبر- أصغر ، قبل – بعد ، نعم – لا ، تريد –لا تريد ، فوق – تحت ، يمين – يسار ، أمام – خلف ، خير – شر ......الخ في هذه الحالات هناك دوماً تعامل مع خيارين فقط، يتم اختيار أحدهم ، أو تعيين أحدهم ، أو تمييز أحدهم .
والعقل البشري يبدأ بالتعامل مع خيارين بفاعلية عالية ، ويستعمل هذه الآلية البسيطة في كافة تعاملاته مع الخيارات الكثيرة والمعقدة والمتداخلة ، وذلك بإرجاعها إلى خيارين فقط يتم تمييز أحدهم عن الآخر, ولإجراء التمييز لابد من المقارنة والقياس ثم الحكم وإصدار القرار .
والكمبيوتر يحاكي العقل البشري في آلية عمله الأساسية ، وهي التعامل مع خيارين فقط ، وبالتالي إرجاع كافة الخيارات الكثيرة والمعقدة إلى خيارين فقط : مفتوح و مغلق أو صفر و واحد .

التعامل مع الخيارات و التفكير الواعي
ذكرنا أن التعامل مع الخيارات هو التفكير بشكل عام ، ويمكن أن نقول أن التعامل مع الخيارات بشكل واع هو التفكير الإرادي البشري
فيمكن أن تتعامل الكثير من البنيات الحية أو غير الحية مع الخيارات دون الوعي ، فالحيوانات تتعامل مع الخيارات بدرجات متفاوتة من الوعي ، ففي حالة الحشرات والكائنات الحية البسيطة ولدى وحيدات الخلية يكون الوعي في أدنى درجاته- إن لم يكن معدوماً- ,كما أن النباتات تتعامل مع الخيارات و بدون وعي .
البنيات غير الحية تتعامل مع الخيارات :
فالنهر أثناء تشكله - تشكل مساره- يتعامل مع الخيارات الفيزيائية ( مواد وقوى ) ويكوَن مجراه ، وكذلك العاصفة ، وكذلك المجموعات الشمسية, و الذرات، وكذلك المورثات.
إن كافة البنيات تتعامل مع الخيارات لأن التعامل مع الخيارات هو محصلة تبادل التأثيرات أو التفاعلات مع البنيات المجاورة أو المؤثرة .
فإذا اعتبرنا أن التفكير هو : التعامل مع الخيارات ومعالجتها - قياسها ومقارنتها وتقييمها - والحكم عليها ثم القيام بالاختيار بناء على ذلك .
نجد أن النبات يفكر , ففي حالة اختياره لنمو الساق نحو الأعلى - الضوء - واتجاه الجذور نحو الأسفل , أي يقوم بالتفكير , وهو مجهز لهذا الاختيار ، وكذلك يقوم النبات بالإزهار أو عدمه بناء على التعامل مع الخيارات المتاحة- شمس وهواء وماء وغذاء - .
فالاختيار بين وضعين أو أكثر هو أساس التفكير، وهو موجود عند النباتات والحيوانات , ونحن إذ نعتمد ذلك يتوضح مفهوم التفكير بشكل أفضل ويتيح لنا بناء أحكام وتنبؤات أعلى دقة .
فنحن نربط بين التفكير والوعي والإدراك، ونرتكز في بنائنا لمفهوم التفكير على طريقة تفكيرنا نحن
وتفكيرنا واسع ومعقد ومتداخل مع الشعور والوعي وآليات عصبية نفسية متطورة .
أي نحن نستخدم مفهوم التفكير بشكل غير واضح وغير مكمم بشكل دقيق ، لذلك لا يتضح لنا التفكير لدى النبات أو لدى بنية الحياة مع أنه موجود ومتطور, لأننا نعتمد تفكيرنا فقط كمرجع لمفهوم التفكير .

التعامل مع الخيارات والحرية
هناك مثل يقول : " صحيح لا تقسم، ومقسوم لا تأكل، و كول لتشبع "
إن هذا المثل يظهر أن الحرية- أو ممارسة الحرية - مرهون بممارسة الخيارات المتاحة ، فإذا لم تكن هناك خيارات متاحة فلن تكون هناك حرية يمكن ممارستها
ومقدار الحرية مرتبط بكمية الخيارات المتاحة
فالمخير بين وضعين أو حالتين حر ولكن الحر أكثر منه المخير بين عشر حالات، والأكثر حرية هو المخير بين ألف حالة, وكلما ازدادت الخيارات المتاحة ازدادت الحرية، وبالتالي ازدادت إمكانية أو احتمال تحقيق الأهداف.
"يقول هيدجر: أن الإنسان عليه أن يختار, وما القدرة على الاختيار إلا تعريف للحرية"

التعامل مع الخيارات هل هو ممارسة الحرية ؟ وجذب الخيارات
نفرض أن لدينا عدة خيارات متاحة لتحقيق هدف معين ونفرض أنها جميعها تسمح بتحقيق الهدف وبالصعوبة نفسها وبالدرجة نفسها تماماً- وهذا نادر جداً في الواقع-
في هذه الحالة هل يمارس تفضيل أثناء اختيار أحدها, إن هذا لن يحدث, لأنه لا يوجد فرق بين هذه الخيارات, وسوف يتم الاختيار عشوائياً.
لنفرض الآن أن هذه الخيارات مختلفة في درجة صعوبتها لتحقيق الهدف في هذه الحالة هل يحدث تفضيل واختيار موجه؟
نقول: نعم في هذه الحالة ستحدث مقارنة وتقييم ثم اختيار أحدها
أي سوف يحدث تنافس بين هذه الخيارات في جذب اتجاه اختيارنا نحو كل منها
والخيار الذي يقوم بأكبر جذب سوف يتم تبنيه وممارسته.
إذاً اختيار أحد الخيارات من بين مجموعة خيارات متاحة يكون حسب قوى الجذب التي يقوم بها هذا الخيار, ويكون تقييم قوى الجذب حسب الوضع الراهن لجسمنا وعقلنا وباقي العوامل الموجودة
وإذا تغير أحد هذه العوامل يمكن أن تتغير نتيجة الاختيار
وأي اختيار نقوم به مرة ثانية يمكن أن تكون نتيجته مختلفة إذا حدثت أية تغيرات لنا أو لتلك الخيارات
أي أن النتيجة المحددة بشكل مطلق لا تحدث إلا مرة واحدة , وعند التكرار تصبح احتمالية, وتابعة للتغيرات الحاصلة.
أما الشعور بالحرية عند ممارسة التعامل مع الخيارات , فهذا تابع لوضعنا الفكري والنفسي
فهذا الشعور تحدثه عناصر وآليات فكرية ونفسية وتربوية معينة , وعند توفرها ينشأ ويحدث لنا
وليس له علاقة مباشرة حتمية بنتيجة اختيارنا
فيمكن أن نكون مسيرين ومتحكّم بنا- ودون ملاحظة ذلك- ومع ذلك نشعر بأننا أحراراً ونمارس حريتنا
ويمكن بالعكس أن نشعر بأننا مقيدين ولسنا أحراراً.
إذاً الشعور بالحرية هو إحساس , والأحاسيس لا تكذٌب , فإذا كنت تشعر بالبرد أو بالفرح أو حلاوة فاكهة أو صوت موسيقى أو لون ... فهذا لا يكذٌب لأنك تعيشه وتحسه وتلمسه , وكذلك الحرية فهي شعور , وإن كان ينتج عن المعارف والتفكير .
نعم يمكن أن تؤثر طريقة ونتيجة اختيارنا بطريق مباشر أو غير مباشر بأحد عناصر أو آليات التفكير العاملة أثناء القيام بالاختيار
ويكون لها دور في اعتماد الاختيار وهذا ما يعقد مفهوم الحرية
فهو متحرك - وتجري له تغذية عكسية-, ويؤثر على قرارات الاختيار تأثيرات متبادلة- متحركة-,
وكذلك يتأثر مع باقي آليات عمل العقل المشاركة بالمعالجة والتقييم والاختيار
وهذا يجعل النتيجة بوضع متبدل متحرك والتعديل محتمل دوماً طالما كانت التفاعلات عاملة
ويمكن لأي آلية عقلية أخرى تظل تعمل أثناء معالجة الخيارات أن تحدث تحريك- تغيير- للنتيجة, مثل تقارب الفروق بين خيارين - أو سبب آخر- يجعل اختيار أحدهم يرجح على اختيار الآخر فيتم اختياره فيؤدي ذلك إلى ترجيح الآخر وهكذا دواليك, وتبقى عملية الاختيار جارية ولا يتم البت بها.

إن الحرية في رأي هي : التحكم بالخيارات المتاحة بشكل شعوري واع
فهناك أمام متخذ القرار- في الدماغ - خيارات متاحة يقوم بمعالجتها وتحديد وتعيين إحداها أو بعضها بشكل واع , وآليات اتخاذ القرارات الواعية واعتماد الخيارات المختارة- المفضلة- تعتمد على عدد من العمليات العقلية أهمها :
عمليات الاستجابة المباشرة والسعي نحو الاستجابة المناسبة للكائن والتي تكون مترافقة مع استجابة حسية شعورية ومقيمة من ناحية اللذة والألم أومن ناحية الإفادة أو الضرر أو من كلاهما معاً.
أو الاستجابة التي تم إشراطها – أي تعلمها- بتحاشي الاستجابات غير المناسبة للكائن أو المؤلمة, أو الاستجابات التي جرى تعلم كفها .
أي يتحكم في اتخاذ القرارات والاستجابات: الإشراط والكف والتعميم... , وهناك تأثير آليات عمل الدوافع والتي يكون أغلبها متوارثاً أي ذو أساس فزيولوجي, بالإضافة إلى الدوافع التي تتشكل نتيجة التعلم والتربية والحياة الاجتماعية.
جذب الأوضاع والمؤثرات أو المثيرات , ودفعنا لتحقيقها
نحن كثيراً ما نلاحظ أننا لا نقرر أهدافنا أو غاياتنا بإرادتنا الذاتية , فالأوضاع والمثيرات والظروف هي التي توجهنا وتحدد غالبية تصرفاتنا وأهدافنا , وهذا يشبه ما يحصل في الكومبيوتر, فالمخلات هي التي تحدد المخرجات بعد معالجتها حسب نظام عمل الكومبيوتر والبرنامج العامل والذي يتضمن أيضاً الذاكرة المخزنة . فالأوضاع أو الظروف تفرض تأثيراتها التي هي بمثابة مدخلات إلى دماغنا , فتعالج حسب آليات ونظام عملة وحسب ما تم تعلمه أي ما خزن في الذاكرة . وكثيراً ما تحدد هذه الظروف ( أو المدخلات ) دوافعنا وأهدافنا وتصرفاتنا

مفهوم الشخص في الفلسفة الديكارتية

لعل أكبر حدث في تاريخ البحث الفلسفي المتعلق بسبر أغوار النفس الإنسانية منذ عهد سقراط الذي دعا الإنسان إلى معرفة نفسه هو اكتشاف مبدأ الكوجيطو على يد الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت. يمثل هذا الحدث ثورة حقيقية في حقل الممارسة النظرية التي تجعل من التفكير موضوعا لها. ولفهم هذه الثورة لابد من إلقاء ولو نظرة خاطفة على تاريخ هذه الممارسة قبل مجيء ديكارت ليتسنى لنا إدراك وفهم مدى عمق التغير الذي أحدثه "أب العقلانية الحديثة" في النظرة إلى الذات المفكرة وطريقة التفكير فيها. ولتحقيق هذا الغرض نرى أنه من الضروري التذكير بالخطوط العريضة لنظريات المعرفة لدى أكثر الفلاسفة السابقين شهرة من أجل مقارنتها مع نظرية ديكارت. وسوف يتم التركيز على نظرية المعرفة لدى كل من أفلاطون وأرسطو اللذين كان لهما تأثير كبير في تاريخ الفكر على امتداد قرون عديدة.
ترتكز نظرية المعرفة الأفلاطونية على مصادرة أساسية مفادها أن المعرفة تتحقق من خلال الانتقال والارتقاء التدريجي من المعطى المحسوس إلى النموذج المعقول، حيث تميل الذات العارفة تدريجيا إلى التجرد من كل ما له علاقة بالعالم المحسوس من أجل الاتصال بالعالم المعقول والارتقاء في مراتب المعرفة إلى أن يصل العقل إلى غايته القصوى وهي المشاركة في انسجام العالم المعقول وتناسقه الرياضي. وإذا كان أفلاطون قد جعل من العدد والماهيات الرياضية المبدأ الذي يقوم عليه انسجام العالم المعقول، فلأن العلاقات الرياضية في نظره تظل على الدوام ثابتة لا تتغير، وهو ما يفسر خلود العالم. إن فعل المعرفة هنا لا يختلف عن فعل الوجود، إنه فعل المشاركة في الوجود؛ فقد أوضح أفلاطون في كتابه "الجمهورية" كيف ينبغي أن يكون النظام الاجتماعي لكي يتسنى للإنسان العيش في انسجام مع العالم المعقول كما يتصوره الحكماء.
ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا أصبح الأفلاطونيون يولون أهمية قصوى لدور الصورة في عملية المعرفة، وأصبحت معرفة الموجودات عندهم تعني مشاركتها في صورها أو نماذجها المثلى. ولما كانت الصورة هي التي تنقل الشيء من الوجود بالإمكان إلى الوجود بالفعل، ولما كانت تمثل حقيقة الشيء أو جوهره، أمكن القول بأن فعل المعرفة كفعل الوجود، وهو ما عبر عنه المفكر الأمريكي Pedro Amaral بقوله: To know something is just like being something ويعني ذلك، حسب قوله، أن المعرفة هي المشاركة في الوجود.، وتعني المشاركة أسلوبا في الحياة ينسجم مع مبادئ الوجود الحقيقي. يتمثل فعل المعرفة، إذن، في قدرة العقل على أن يصبح كموضوعه، أو أن يكون مطابقا لموضوعه ومتماثلا معه، هذا مع العلم أن موضوع الفلسفة اليونانية هو الوجود بما هو موجود حسب تعبير أرسطو.
ينسجم هذا التصور للمعرفة إلى حد ما مع نظرية المعرفة الأرسطية. تتبلور المعرفة في نظر أرسطو من خلال تشكل صورة الشيء في العقل. فإذا كان العقل يدرك صور الأشياء، فإن تلك الصور تساهم بشكل أساسي في تشكل العقل. وهكذا يصبح العقل كموضوعه. ولذلك كان معيار الحقيقة في الفلسفة الأفلاطونية والفلسفة الأرسطية على حد سواء هو معيار التطابق أو التماثل بين الفكرة والموضوع.
وما قام به ديكارت هو أنه غير هذا التصور للمعرفة وكيفية تحققها رأسا على عقب: أفرغ العقل والعالم من الصور، وألقى بمبدأ التماثل جانبا وعوضه بعملية التمثل الذهني représentation؛ لم تعد المعرفة تتحقق من خلال تماثل العقل مع موضوعه، بل من خلال التمثل الذهني للموضوع بطريقة لا مكان فيها للتماثل الطبيعي. وإذا كانت غاية المعرفة في النظرية الأفلاطونية-الأرسطية هي تحقيق التماثل بين العقل والموضوع، فإن ديكارت انتقل بالمعرفة إلى مستوى أرقى من مستوى الإحاطة بالموضوع: لم يقف عند حدود تمثل الموضوع، بل جعل من التمثلات الذهنية نفسها موضوعا للتأمل العقلي، وبذلك دفع بعملية المعرفية إلى مستوى الميتا méta وهو التفكير في التفكير، وقادته تجربته الوجودية إلى اكتشاف بعد جوهري جديد من أبعاد الوجود الإنساني، ألا وهو الوعي conscience. ولأول مرة في تاريخ الفلسفة، ربما بعد ابن سينا (أنظر مقالتنا: "تطور مفهوم النفس من المعلم الأول إلى الشيخ الرئيس")، أصبحت لهذا المفهوم دلالة تتجاوز معنى الإدراك الباطني الفوري المباشر، إلا أن ديكارت لم يحدد دلالته بشكل صريح، و ظل يركز على بيان أهمية الوعي ودوره في حياة الإنسان.
الوعي باعتباره حجر الزاوية في بنية الشخص لدى ديكارت
يمثل الوعي في نظر ديكارت الصفة المميزة للإنسان، والعنصر الحاسم في تصوره لمفهوم الشخص، وتكمن وظيفته في كونه يمكننا من الإدراك الفوري للذات المفكرة.
يرى ديكارت بأن أكثر الأشياء وضوحا في هذا العالم هي الأفكار، وتنطوي تأملاته على مصادرة صريحة إلى هذا الحد أو ذاك مفادها أن هناك نوعا خاصا من النشاط المعرفي الذي يجعلنا على اتصال بتفكيرنا ويمكننا من التعرف عليه والإحاطة به والتحكم فيه، وبذلك تنكشف لنا طبيعة الفكر وطبيعة الذات المفكرة. وهذا مثال يوضح هذه الفكرة: يستطيع زيد أن يستوعب ويفهم عملية حسابية كعملية الجمع مثلا: 2+2=4 وهذه العملية الحسابية هي سلسلة من عمليات التفكير، وعندما نتأمل هذه السلسلة تنجلي طبيعة التفكير وطبيعة الذات المفكرة والموضوع المفكَّّر فيه، وهذه الأقانيم الثلاث هي مظاهر تجربتنا الذهنية. ولا يحتاج المرء إلى بذل أي مجهود لمعرفة أصل هذه التجربة المتمثل في الأنا المفكرة، أو الأنا الديكارتي، فهي تكشف عن نفسها بنفسها، ولا تستمد وجودها إلا من ذاتها باعتبارها ذاتا مفكرة، وهذه الذات مكتفية بذاتها، لا تحتاج في وجودها إلى شيء آخر. ولذلك لزم أن تكون السمة المميزة للشخصية هي الحرية. فالشخص الذي حصل له الوعي بذاته باعتباره ذاتا مفكرة، هو بالضرورة كائن حر.
وهكذا أصبح مفهوم الوعي عند ديكارت مرادفا لمفهوم الحرية..ذلك لأن الوعي يوجد في استقلال عن الجسد ولا يتأثر بالعامل البيولوجي ولا بعوامل المحيط الخارجي. ولكي تتضح الفكرة أكثر لابد من استعراض تصور ديكارت للإنسان، وهو ما يستلزم تسليط بعض الأضواء على المبادئ أو المصادرات الأساسية التي تقوم عليها فلسفته(*).
ذكرديكارت في رسالتين وجههما للملكة إليزابيتبتاريخ 21 مايو و 28 يونيو من عام 1643- واللتان يمكن اعتبارهما بمثابة ملخص مركزلنتائج "التأملات"- أن فلسفته الميتافيزيقية تقوم على ثلاثة مفاهيم أولية،تمثل في نظره المرتكزات الأساسية لكل معرفة إنسانية، وهي المفاهيم التيلدينا عن الروح، والجسد، والعلاقة بين الروح والجسد: يتعلق المفهوم الأول بتصورناللروح، ويشمل العقل والإدراك الحسي والإرادة ومختلف النوازع الانفعالية؛ ويتعلقالمفهوم الثاني بتصورنا للجسم، وهو مفهوم الامتداد الذي تُرَد إليه أشكال الأجساموهيئاتها وحركاتها؛ ويتعلق المفهوم الثالث بالعلاقة بين الروح والبدن، وهو مفهومالوحدة التي تتجلى من خلال قدرة الروح على تحريك البدن، وقدرة البدن على التأثير فيالروح وإثارة انفعالاتها.
يقوم تصور ديكارت للوجود بصفة عامة على ثنائية الروح والجسد: هناك، من جهة، عالم داخلي ذو طبيعة روحية ومن خصائصه التفكير وعدم الامتداد في المكان، ويشمل الأفكار والمعتقدات والانطباعات الحسية وكل التجارب الذاتية؛ وهناك، من جهة أخرى، عالم خارجي ذو طبيعة مادية، وما يميزه هو الامتداد وانتفاء القدرة على التفكير، ويشمل الأجسام الطبيعية والقوى الفيزيائية. وينطبق مبدأ ثنائية الوجود على الإنسان نفسه، وتتجلى من خلال ازدواجية الروح والبدن.
ميز ديكارت، إذن، بين الروح والجسد، ولكنه أقام بينهما علاقة، هي علاقة التفاعل المتبادل التي تجعل منهما وحدة أو كلية لا انفصام فيها، وهذه الوحدة هي ما يعبر عنه مفهوم الإنسان. ولكن، ما الذي يجعل هذه الوحدة ممكنة رغم الاختلاف الجوهري الموجود بين الروح والجسد ؟ يقدم لنا الدكتور Pedro V. Amaral من جامعة كاليفورنيا جوابا شافيا على هذا السؤال، يقول بالحرف الواحد:
"لم يكن ديكارت يتوفر على مثل ذلك البناء النظري الذي يقوم على نظرية الانسجام الأفلاطونية التي استعملها سواريز Suarez (الفيلسوف السكولائي الكبير) لدعم نظريته المتعلقة بوحدة الروح والجسد. وبالنتيجة فإنه كان على ديكارت أن يبتكر مفهوم "الوعي" consciousness” باعتباره العنصر الذي يقوم بالتنسيق بين نشاط العقل ونشاط الجسد(**).
ويعتبر الوعي بالذات، في نظر ديكارت، أكثر الأشياء وضوحا، فقد شك في وجود البدن وفي وجود العالم. وأما الشيء الوحيد الذي لا يطاله الشك فهو الوعي بالذات باعتبارها ذاتا مفكرة: فإذا كنت أشك، فإن معنى ذلك أني أفكر، وإذا كنت أفكر فإنني موجود؛ يمثل التفكير، إذن، قوام وجودي. هذه فكرة بديهية، وكذلك تعتبر الأفكار المتضمنة في الذات المفكرة أكثر الأشياء وضوحا على الإطلاق. ويمكن تعميم المبدأ الديكارتي على النحو التالي: إن ما يميز الإنسان هو وعيه بذاته، وهذا الوعي هو الذي يجعل منه كائنا متميزا، ويرقى به إلى مستوى الشخص الحر المستقل.

ياسين منتديات العلوم الرياضية

مفهوم الشخص في فلسفة جون لوك



كيف تتحدد هوية الكائن بصفة عامة والهوية الشخصية بصفة خاصة ؟
في كتابه "مقالة في العقل البشري" خصص جون لوك فصلا كاملا لمسألة الهوية الشخصية تحت عنوان "حول الهوية والتنوع". انصب اهتمامه في هذا الفصل على تحديد مفهوم الهوية الشخصية ومفهوم الشخص في ضوء تصوره العام للهوية. واستهل عرضه بالتمييز بين مختلف تحديدات الهوية ومقوماتها بالنظر إلى مختلف أنواع الكائنات الحية وغير الحية، فميز بين هوية الذرة، وهوية الكتلة المؤلفة من الذرات، وهوية الكائن الحي: فكل ذرة تكون هي نفسها في اللحظة الراهنة، وتظل هي هي عبر مرور الزمن. ومن ثمة، لا تطرح هوية الذرة أي إشكال. أما كتل الذرات فإن هوية كل كتلة أو تفردها يتحدد بمكوناتها بصرف النظر عن طريقة تنظيمها. وعلى خلاف ذلك، تتحدد هوية كل كائن حي بناء على تنظيمه الوظيفي. ويتجلى هذا التنظيم بالملموس في كل لحظة من خلال مجموعة من الذرات، ويظل على حاله يؤدي نفس الوظائف مهما تعرضت مكوناته الذرية للتغير؛ وتأتي وظيفة الحفاظ على نفس الحياة واستمرارها في مقدمة تلك الوظائف. وهكذا، فإن ما يحدد هوية الكائن الحي هو تنظيمه الوظيفي وشكل الحياة المرتبط به سواء أكان شجر سنديان أو حصان.
ويرى جون لوك بأن الإنسان حيوان ذو هيئة خاصة مثلما لكل نوع من أنواع الحيوانات هيأته الخاصة. ولكنه لم يرتح لهذا التعريف، وراح يبحث عن تعريف أكثر تلاؤما مع طبيعة الإنسان، وقاده البحث والتقصي إلى التمييز بين مفهوم "الإنسان" ومفهوم "الشخص" من خلال إجراء العديد من التجارب النظرية التي كان الهدف منها هو استبعاد التعريفات غير الملائمة؛ وإليك بعض الأمثلة من هذه التجارب النظرية أو الافتراضية:
لنفترض أن بعضهم قال إن ما يميز الإنسان هو امتلاكه للروح، وأن وجود الروح هو ما يفسر ثبات هوية الفرد من الطفولة إلى الشيخوخة، وتجعله يبقى هو هو في كل مرحلة من مراحل العمر. ولنفترض أنهم يؤمنون بمذهب التناسخ أو التقمص أو التجسد الجديد للروح، فإن تعريفهم يقتضي أن تكون الروح التي سكنت مختلف الأجسام هي نفس الإنسان سواء كان طفلا أو شيخا عجوزا. وإذا كان مذهب التناسخ يقر أيضا بإمكانية انتقال روح الإنسان إلى جسم حيوان كالحمار مثلا، وإذا علمنا أن روح الإنسان تسكن حمارا من حميرنا، فهل يلزم عن ذلك أن ننظر إلى ذلك الحمار على أنه إنسان؟. وفي تجربة أخرى قارن لوك بين ببغاء بتكلم لغة عقلانية وكائن له هيئة إنسان لكنه لا يمتلك القدرة على إنتاج خطاب عقلاني. واستنتج من ذلك أن الخطاب العقلاني ليس الشرط الضروري ولا الشرط الكافي الذي يجعل من الكائن إنسانا، واستبعد أن يكون ذلك الببغاء إنسانا، وأما الكائن ذو الهيئة البشرية الذي يفتقر إلى القدرة على إنتاج خطاب عقلاني فهو إنسان بحكم هيئته. وهكذا، فإذا كان الإنسان حيوانا ذو هيئة خاصة، فما هو الشخص ؟ يقدم النص التالي جواب جون لوك عن هذا السؤال، وهو مقتبس من كتابه An Essay Concerning Human Understanding"مقالة في العقل البشري" (الفقرة 26 من الفصل السابع والعشرين) :
"إن [لفظ] شخص، حسب فهمي له، اسم يطلق على الإنية. فحيثما عثر امرؤ على ما يسميه إنيته، هنالك، على ما أظن، سيقول آخر إنه نفس الشخص. إنه لفظ قانوني، إليه تنسب الأفعال وحسناتها؛ ولا ينسحب بالتالي إلا على كل فاعل عاقل يتمتع بالأهلية القانونية والقدرة على الشعور بالسعادة والتعاسة. إن هذه الشخصية تمتد لتعود بنفسها إلى ما وراء الوجود الراهن، إلى الماضي، بواسطة الوعي وحده، إذ به تصبح معنية ومسئولة، تعترف بما قامت به من أفعال في الماضي وتنسبها إلى نفسها تماما مثلما تتعامل مع أفعالها في الحاضر بناء على نفس الأسس ولنفس الاعتبارات. يرجع الأصل في كل هذه الأفعال إلى الانشغال بالسعادة الذي ينشأ بالضرورة عن الوعي بحيث لا يمكن تفاديه؛ ذلك لأن من يكون على وعي باللذة والألم، سيرغب في أن تكون الذات الواعية سعيدة. وبالتالي، إذا كان من غير الممكن للذات في الزمن الحاضر أن تتقبل أفعال الماضي وتتملكها بواسطة الوعي، فلن تنشغل بها، كما لو أنها لم تنجز شيئا منها. أما وأن تحصل على المتعة أو الألم، أي على المكافأة أو العقاب، جراء تلك الأفعال، فالأمران سيان، ولا فرق بين ذلك وبين أن تكون قد تعرضت لما جعل منها كائنا سعيدا أو شقيا في وجودها الأول [في الماضي]، فلا سيئات هناك على الإطلاق.لأنه إذا افترضنا رجلا يتعرض الآن للعقاب على ما اقترفه في حياة أخرى وجد فيها من غير أن يكون له شيء من الوعي بتاتا، فأي فرق سيكون بين ذلك العقاب وبين كونه خلق بائسا تعسا ؟ ولهذا، وفي انسجام مع ما سبق ذكره، أخبرنا أحد أتباع الرسول أنه في يوم البعث والنشور، عندما "ينال كل امرئ جزاءه على أفعاله، تفتح أسرار القلوب وتنشر بعناية". إن ما سيبرر حكم العقاب هو الوعي الذي سيكون لدى جميع الأشخاص بكونهم نفس الأشخاص الذين قاموا بتلك الأفعال التي استوجبت عقابهم، وذلك مهما كانت الأجسام التي سيبعثون بها، ومهما كانت طبيعة المادة التي يسكنها ذلك الوعي".
إن الشخص، حسب تعريف جون لوك، كائن عاقل مفكر، ويكون على وعي بأنه هو نفسه ذلك الكائن العاقل حيث ما كان وفي أي زمان كان، يعي بأنه هو نفس الشخص الذي قام بفعل معين، ويظل ذلك الفعل لاصقا بهويته ووعيه مهما تغيرت الظروف وتعاقبت الأزمان. إن ما يحدد الهوية الشخصية إذن هو الوعي، فبواسطته تنسب الأفعال إلى الفاعل، وبه تثبت مسؤوليته عليها، وهو الذي يبرر الثواب أو العقاب. ولهذه الاعتبارات جعل جون لوك من مفهوم الشخص أحد المفاهيم القانونية الأساسية، ونظر إلى بعده الجوهري المتمثل في الوعي باعتباره المبدأ الأول الذي تقوم علية الأهلية القانونية والعدالة.
وأما الجسد فإنه لا يؤثر بأي شكل من الأشكال في الهوية الشخصية. لقد فصل جون لوك بين الوعي والجسد حين افترض، في إطار الجدل اللاهوتي-الفلسفي حول مسالة بعث الأجسام الذي كان على أشده في زمانه، إمكانية أن يبعث الإنسان في هيئة غير الهيئة التي كان عليها في الحياة الدنيا، وفي حال ظهر في هيئة جديدة فإنه لابد أن يتحمل مسؤوليته عن أفعاله إذا كان على وعي بأن الشخص الذي يقف أمام المحكمة في العالم الأخروي هو نفس الشخص الذي اقترف الذنوب التي تنسب إليه عندما كان في العالم الدنيوي. هذا هو الحل الذي اقترحه لوك للمعضلة اللاهوتية المتمثلة فيما لو بُعث الإنسان في جسم غير جسمه؛ وكان بعض المفكرين آنذاك قد طرح معضلة من التهمة أحد أكلة اللحوم البشرية، واشتركا في جسم واحد، وسيكون من المستحيل حينئذ أن يبعث شخصان في جسم واحد.
ولحل هذه المعضلة قام لوك بتجربة من تجاربه النظرية، حيث افترض جدلا أن أميرا من الأمراء انتقلت روحه إلى جسد إسكافي وسكنته بأفكارها ومشاعرها وهواجسها الأميرية. وأما روح الإسكافي فكانت قد غادرت جسده. والنتيجة هي أن الأمير سينظر إلى نفسه دائما على أنه أمير مهما كان الجسد الذي استقرت فيه روحه في النهاية، وسواء أكان حسد إسكافي أو جسد حمار. ومعنى ذلك أن الشخص الذي حصل له الوعي بذاته سيظل هو هو مهما تغير الجسم، وسيظل مسئولا عن أفعاله يوم القيامة إن بعث على هيئة غير هيئته الأصلية شريطة أن يكون على وعي بذاته. فالوعي هو أساس المسئولية والشرط الضروري لثبوت الأهلية القانونية والعدالة ومبدأ الثواب والعقاب. إن التمييز بين الإنسان باعتباره كائنا حيا والشخص باعتباره ذاتا مفكرة وتعي بأنها ذات مفكرة هو أساس الحل الذي اقترحه لوك لمسألة تغير الأجسام وثبات الهوية الشخصية ومتر تباتها على المستوى القانوني واللاهوتي.
وخلاصة القول أن انشغال جون لوك بمسألة العدالة هو الذي ساقه إلى صياغة مفهومه للشخص الذي صنفه في قائمة المفاهيم القانونية. ومن هنا يستمد تصوره للشخص قوته وراهنيته. فإذا كان الشخص كائنا عاقلا يعي باستمرار بأنه هو نفس الذات المفكرة في أمكنة وأزمنة مختلفة، فإن هذا الكائن وحده هو الذي يُفَعِّلُ القانون ويجعله قابلا للتطبيق. لأنه عندما يقوم بفعل ما يكون على وعي بأنه سيظل هو نفس الشخص الذي سيجازى أو يعاقب عنه في المستقبل. فإن تعرض للعقاب، يعود بذاكرته إلى الماضي فيدرك أنه هو نفس الشخص الذي اقترف ذلك الفعل في الماضي؛ وهذا الوعي ضروري لقيام العدالة، وبدونه لا يكون للقانون معنى.

أحمد أغبال

للمراسلة

هذه مرحلة اولى تجريبية ، يسعدني استقبال اراءكم و ملاحظاتكم و اقتراحاتكم

الاميل (للإجابة على مراسلاتكم ):

الإسم :

نص الرسالة:

بعد ارسال الرسالة، سيتم توجيهكم تلقائيا إلى الصفحة الرئيسية